Sunday, December 2, 2012

ملاحظات على مستودة الدستور

ملاحظات على مستودة الدستور


اليوم السابع | نبيل ناجي يكتب: ملاحظات على مسودة الدستور





في البداية يجب أن نتذكر أن الدستور وثيقة للشعب جميعه لا يتسق معه مبدأ المغالبة أو المسارعة (من التسرع) ويجب أن يمثل فيه بجميع طوائفه، والدستور هو مجموعة من المبادئ العامة التي تشكل العقد الاجتماعي للمجتمع كله ولا ينحصر في وقت أو ظروف معينة؛ أي أنه يجب أن يصاغ بطريقة تتفق مع جميع العصور حتى يضمن بقاءه.

فبعيدا عن إجراءات تشكيل اللجنة التأسيسية التي تشوبها البطلان وطريقة إدارتها أو من الأفضل أن نسميها "قيادتها" حيث دفعت هذه اللجنة في مسار محدد، وكذلك انسحاب عديد من ممثلين الشعب المصري منها، ورغم ذلك تم تجاهل انسحابهم، أريد أن أسجل هذه الملاحظات بعين القارئ البسيط الغير متخصص دستوريا أو قانونيا:

فمن ناحية الصياغة، نجد أن نصوص الدستور مختلطة بنصوص يجب أن تصدر في قوانين وليس محلها الدساتير، فتشعر أن الدستور يقوم بعمله وعمل القانون معا؛ فتجد في نهاية كثير من المواد عبارة "في حدود القانون" أو "كما ينظمه القانون" مما يضعف من نصوص الدستور حيث أن الدستور هو أبو القوانين، وإن كان رد المستشار حسام الغرياني على ذلك: بأننا بذلك ندعو المشرع لإصدار قوانين لهذا الأمر، فالرد: إن المشرع طبيعي أن يلجأ للدستور وأن من واجبه أن يدرك احتياجه للتشريع دون دعوة احد إليه!

تظهر الصبغة الدينية للدستور وبالتالي للدولة من المادة الثالثة التي أعطت المصريين المسيحيين واليهود حرية الاحتكام لشرائعهم في أحوالهم الشخصية مع عدم مساس المادة الثانية، وفي المقابل تم إعطاء الأزهر الشريف مهمة تحديد مبادئ الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة كما حددتها المادة 219، وبالتالي لم يصبح المرجعية لبلادنا الدستور والقانون فقط، ولكن لهيئة دينية أخرى والعمل بمبدأ جديد وهو تمكين رجال الدين من التحكيم استنادا لأي فتوى قد لا تعبر عن روح العصر، وهذا من ملامح الدولة الدينية، وكذلك لم يتم منه تكوين الجماعات والأحزاب على أساس ديني أو جغرافي.

وقد تم إدخال كلمات لا نعرف كيف ستستخدم في المستقبل مثل "تعريب التعليم والعلوم والمعارف" و"يقوم النظام السياسي على مبادئ الديمقراطية والشورى" حيث أن الديمقراطية تحمل في داخلها مبدأ الشورى أو الاستشارة.

أما بخصوص مجلس الشورى، فقد تم إضافة المهام التشريعية له رغم إنه اسمه "مجلس الشورى" ومن الغريب إنه لم تذكر صفته التشريعية هذه في الجزء المخصص له بشكل صريح ولكن تم ذكر هذا بين نصوص مجلس النواب، وهذا سينتج ازدواجية في التشريع حيث سيقترح التشريعات مجلسان وليس مجلس واحدا يحيل كل مجلس قراراته للآخر للموافقة عليه، رغم الدعوة لإلغاء مجلس الشورى حيث أنه يعتبر عبأ على الدولة، ويبدو إن هذا سببه الوحيد هو تحصين المجلس الحالي كما ورد في المادة 230 وهذه المادة بنصها هذا ليس مكانها الدستور ولكن القانون.

وكذلك تم وضع المبدأ الذي بسببه تم حل مجلس الشعب كمادة دستورية (رقم 231) رغم إن مجلس الشعب تم حله لانعدام تكافؤ الفرص، أي أن هذه المادة غير دستورية.

أما عن صلاحيات الرئيس، فله الحق في تعيين جميع الموظفين العموميين من المدنيين والعسكريين وكل رؤساء الأجهزة الرقابية ورؤساء المحاكم ولا يوجد نص لتعيين نائب الرئيس؛ أي لم تقلص صلاحياته.

وهذه كلها تعتبر ملاحظات أولية دون التطرق للمطالب التي حلم بها أطياف الشعب المصري كالنقابات والمرأة والإعلام والقضاء، وكذلك عدم ضمان جميع الحقوق والحريات إلا بما لا يتعارض مع الأحكام الأساسية للدولة والمجتمع (مادة 75)، مما يفتح باب إلغاء مرجعية الدستور وفتح الباب للآراء الفقهية في ظل المادة 219.

فنحن نحلم بدستور يعبر عن آمالنا وأحلامنا وليس عن جزء منها أو أشباه لها وهذا يتطلب مزيد من الوقت والمناقشات والتنوع في تشكيل اللجنة ذاتها.