البابا شنودة الثالث
سنة في السما
سنة في السما
اليوم، وبمرور سنة على رحيل (قداسة البابا
شنودة الثالث) يصعب عليَّ إضافة (المتنيح، ومثلث الرحمات) قبل اسمه؛ لأني لم
اعتدها حتى بعد مرور هذه السنة بأكملها، ولكن بالحقيقة هو "متنيح" الآن؛
لأن هذه الكلمة كلمة سريانية تعني "مرتاح".
وفعلا هو (مرتاح) الآن من هموم الدنيا وأتعابها، وهو كذلك (مثلث الرحمات)؛ لأن الله رحمه من عناء المسئولية الثقيلة التي حملها على كتفه طوال سنين طويلة لم تكن كلها مستقرة، حملت في بدايتها مرارة الحبس في ديره، ولكنه لم يرى الدير قط محبسا بل اعتبره واحته التي رجع إليها بعد طول غياب وقال كلمته المشهورة: "أنا سعيد لأني رجعت راهب مرة أخرى".
ثم جاهد في تنظيم الحياة داخل الكنيسة وبناء
كثير من الكنائس في العالم كله، وتشييد كثير من الأديرة، وبجانب هذا التعب انكسر
قلبه كثيرا بسبب هجوم أو حادث إرهابي يحصد أرواح أولاده منها العشوائي مثل – على
سبيل المثال لا الإحصاء – حادثة الكشح والتي تبرأ فيها جميع مرتكبيها، وقال حينئذ:
"نستأنف الحكم عند الله، لا الناس".
أو حادث إرهابي ممنهج ومنظم كحادثة كنيسة القديسين
في الإسكندرية، ولا زالت هذه القضية مجرد بلاغات ولم تدخل في مرحلة البحث الجنائي
والتحقيق والكشف حتى الآن، ولا أعلم هموم أكثر قد يكون اعتصر بها قلبه بعيد عن
أعين الجميع. ألا يكفي كل هذا ليحين وقت الراحة؟
عندما أتذكر (البابا شنودة) بالحزن، قليلا
ويتحول الحزن لفرح؛ لأنه الآن فرحان، فعندما ذهب لديره، ألم يختار الموت عن العالم
بإرادته قبل أن يأتيه بسنين طويلة؟ ألم يكن ينتظر هذا اليوم ولا يهابه؟ بل يفرح
بقدومه؟ فعلينا أن نفرح معه.
ويكفينا أن أقواله وتعاليمه وكتاباته وأشعاره
مازالت تملأ عقولنا وقلوبنا، ونحيا بها وتنمو في داخلنا، ومازالت نفسي تصفى عندما
تسمع صوته وتنسى همومها، ومازالت روحي تطرب بأشعاره الموزونة بميزان الذهب، وحكمته
تفيض لتخاطب وتملأ كل عقل.
البابا شنودة الآن في مكانه في السماء الذي
انتظره واستحقه، فلنفرح معه لأنه لم يمت ولكنه بدأ الحياة التي انتظرها، مرت سنة
أرضية منها ولكنها حياة أبدية لا تنتهي.