Thursday, June 27, 2013

القتل الجماعي

القتل الجماعي



ظهرت بعض الجرائم فى مجتمعنا مؤخرا تتسم بمزيد من العنف والوحشية، وهذه الجرائم هى جرائم القتل الجماعى أو التنكيل بفرد من قِبل مجموعة من الأفراد حتى الموت؛ فعندما تصطدم عيناك برؤية مجموعة من الأفراد يقومون بضرب إنسان حتى الموت ثم جره وسحله بحجة أنه مجرم سارق أو قاتل، أو بسبب اختلاف مذهبى مثلما حدث فى حادث مقتل الشيعة مؤخرا، بماذا تشعر؟ هل تشعر إنك ترى بعض أفراد الشعب المصرى المتصف دائما بالطيبة والتسامح؟!!
فهذه الجرائم تعتبر من الأمراض الخبيثة التى تضرب أوصال المجتمع المصرى بشراسة؛ لأن الحجة القائلة إن هذا الإنسان المقتول هو مجرم ليست مبررا لارتكاب جريمة أكثر بشاعة مثل هذه، ومن المضحك المبكى أنه تبين أن أحد الضحايا الذى تم قتله ظنا أنه سارق أتضح أنه شخص قاصر ذهنيا، ولم يستطع الدفاع عن نفسه بأبسط الكلمات، الآن وبعد تنفيذ حكم الإعدام فوريا فى برئ، كيف سيتم إرجاع روحه التى سُلبَت منه ظلما؟!!

ولا تظن أن مثل هذه الجرائم حديثة أو مبتكرة؛ فهى قديمة وشائعة جدا فى المجتمعات القبلية والبدائية غير المتحضرة، وكذلك أجواء هذه الجرائم تتطابق تماما مع أحداث الفتن الطائفية، والتى يقوم فيها مجموعة غوغائية بالهجوم على مجموعة أخرى لأسباب واهية، وقد تكون شائعات، ولكن الترسبات المسبقة تطفو فيها على السطح؛ أى أن هذه الجرائم تظهر نتيجة الشحن والاحتقان.

ومن الغريب أن هذه الجرائم لا تستغرق وقتا قصيرا كغيرها من الجرائم، ولكنها تمتد لساعات؛ وذلك لاطمئنان مرتكبيها إنهم مختفون وسط الجموع ويقومون بها بدم باردة وأعصاب هادئة ظنا منهم أنهم على حق والضحية المقتول يستحق هذا العقاب (!!!)، والأغرب هو الموافقة الجمعية من كل المحيطين ممن يشاهدون هذه الجريمة دون العمل على منعها.

ولعل السبب الرئيسى فى ظهور هذه الجرائم هو غياب مفهوم الدولة وقيمة القانون، فيتحول المجتمع إلى العشوائية يُحكَم فيه بقانون الغابة؛ فيستضعف فيه الضحايا ويظلم فيه الضعفاء.

وغياب دولة القانون نتيجة طبيعية لانهيار الأمن الذى هو المطلب الرئيسى لكل مواطن، والمفترض أن يكون هو الهدف الرئيسى لكل مسئول.

ولا يجب أن تظن أن مثل هذه الجرائم تتواجد فى القرى والمجتمعات غير المتحضرة فقط؛ هذا لأن الفوارق بين المجتمعات قد تلاشت الآن، فجميع الناس يسمعون نفس الأخبار ويرون نفس المادة الإعلامية ويتأثرون بنفس الخطابات السياسية والدينية، ونفس الظروف الاقتصادية أيضا، وحيث إن الجميع يقع تحت نفس المؤثرات، فمن الوارد أن تصدر عنه نفس الأفعال.

وجوهر هذا السلوك يعبر عن ضحالة فكر أصحابه الذى يجعله يقدم على قتل إنسان بهذه الطريقة الوحشية، ويزهق روحه رغم أن الله منحه الحياة – حتى إن كان مخطئا – وكان يستطيع أن لا يتركه على قيدها. إن الحياة منحة من الله، فلا يجب على أحد أن يمنع نعمة عن أصحابها بأى حجة أو مبرر.

رابط موقع اليوم السابع: http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=1134668&SecID=190&IssueID=0

Thursday, June 20, 2013

الورقة الأخيرة

 الورقة الأخيرة



اليوم السابع | نبيل ناجي يكتب: الورقة الأخيرة
الآن وجميع العيون ناظرة ومترقبة يوم 30/6، أصبحنا جميعا لا نتكلم إلا عن توقعاتنا عما سيحدث فى هذا اليوم، فيوجد الكثيرون الذين يرون أنه سيكون يوم حاشد والصدام فيه لا مفر منه وسيتخلف عنه ضحايا ودماء مراقة، وكثيرون آخرون ينظرون ويحتارون من كم التهديدات والاتهامات من التيارات الدينية وكأن هذا التظاهر هو ضد الدين!!، وبين وجهة نظر المقتنعين بالتظاهر؛ حيث أن التظاهر هو حق الشعب فى التعبير عن رأيه وأنهم سيلتزمون بالسلمية.
ويرى بعض آخر – أقل من السابقين – بعيدا عن جو الشحن والاستقطاب والتحفز والتحفظ والوعد والوعيد إن هذا اليوم سيمر دون صدام واسع؛ لأن أنظار العالم متجهة له ومنتظراه وجميع أفراد الشعب ومؤسسات الدولة متأهبة له، وأنه ليس من الفطنة أن ينفذ المهددون تهديداتهم؛ لأن هذا معناه أنهم يثبتون الجريمة على أنفسهم مسبقا!!.

كما أن هذا اليوم معلن عنه منذ أكثر من شهر، فلا يعقل أن لا يكون جميع الاطراف مستعدون لجميع الاحتمالات المطروحة!!؛ أى أن المباراة ستكون دفاعية بحتة؛ لأن كل فريق متحفظ من الآخر، وفى نفس الوقت اللعب سيكون (على المكشوف) وفى حضور الجميع.

وبغض النظر عن وجهات النظر الثلاث السابقة، يجب أن يعلم الجميع أن العنف لابد أن يكون الورقة الأخيرة وآخر اختيار ومن يلجأ له هو المهزوم، وبعنفه يعلن الانكسار الذى لا يوجد بعده انتصار.

فكل تظاهرة – مهما اختلفت أسبابها – تظل على وتيرتها حتى يسقط أول قتيل فتنقلب الأمور وتتبدل المطالب ويزداد الإصرار حتى إنجاز الهدف، ويتم نسيان السبب الأساسى للتظاهر ويصبح الهدف هو الثأر لهذا القتيل وإسقاط القاتل.

فالعنف سيدخلنا إلى نفق مظلم جميعنا متضررورن منه والخروج منه سيكون أكثر صعوبة من دخوله، ولن تكون الدماء هى طريق الخروج أبدا؛ لأنها ستتحول إلى مستنقعات نخوض ونتعثر فيها جميعا.

وإن كان هدف أى طرف هو هذا الإنسان الساكن فى هذا الوطن، فكيف يبادر بإراقة دمه؟!! هل سيكون هذا أيضا من أجله؟!!

فيجب على الجميع أن يحترسوا جيدا من الورقة الأخيرة؛ لأن الورقة الأخيرة لا يشترط أن تكون دائما هى الورقة الرابحة!

رابط موقع اليوم السابع: http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=1121363&SecID=190

Sunday, June 16, 2013

سواق تاكسي وسيجارة حشيش وأحلى كلام



سواق تاكسي وسيجارة حشيش وأحلى كلام


طبعا مش محتاج أقول أن القصة دي حقيقية وهتلاقيني كاتب بعض الكلمات بالأحمر؛ لأنها أكتر الكلمات إنسانية ومؤثرة ويالا نبدأ الحكاية.

التلفزيون باظ !!! ... عمل كدة زي اللمبة لما بتتحرق وأعلن تمرده ... مش شغال تاني ... وكمان في يوم الأجازة !!! ... ده أنت منشن بقى ... وفي عز الحر كمان !!! ... ده أنت قاصدني أنا ... ولأن التلفزيون والأنترنت دلوقتي بقوا زي المية والهوا والأكل والشرب كان لازم أخده وأروح الضمان.

وقفت وشاورت لتاكسي ... راح فاتح لي الشنطة وقالي: "حط التلفزيون ورا"
فقلت في نفسي: باين من الأول كدة أن شخصيته قيادية.

ركبت وبقفل الباب لقيت دخان جاي في وشي ولكن ريحته غريبة ... بصيت ولقيتها هي ... هي السيجارة الملفوفة يدويا وريحتها كأنك مولع في نجيلة – مع الأعتذار للخرفان – يعني نازل غصب عني وكمان سواق بيحشش؟!! يا رب أستر.

فكرت أطبق نظرية (الأدرينالين) ومخلهوش يشمه ... ودي المادة اللي بيفرزها الجسم لما الإنسان يخاف، فلما الحيوان يشمها يعرف إن اللي قدامه خايف ويهجم عليه ... بس البشر مبيشموش (الأدرينالين) ولكن بيشوفوه؛ في نظرة احتقار أو قرف أو اشمئزاز أو خوف أو قلق.

قلت يا واد طنش خالص واتصرف عادي كأنه ماسك في أيده مصاصة، ولكنه ابتدا الكلام وقال:
-         اتفضل.
-         شكرا مبشربش سجاير.
-         دي مش سجاير، ده حشيش.
-         ما أنا عارف.
-         لا مؤاخذة.
-         خد راحتك ولا يهمك.
-         أصلي مضروب بالداء ده.
-         حتى أحنا لسة الصبح مش بالليل يعني!!.
-          ما أنا بقولك مضروب بالداء ده؛ أول ما أصحى قبل ما أكل أو اشرب بولع سيجارة الحشيش، مع إني نفسي أبطل.
-         تعالى على نفسك شوية يا أسطى؛ أنا عارف إنه مزاج بس بالتدريج وربنا بيساعد اللي عايز.
-         أصل كمان الشارع ده كلة أبلسة.
-         يعني ايه؟
-         طول ما أنا ماشي ألاقي اللي يقولي: حشيش يا أسطى؟
-         على المكشوف وبسهوله كدة؟!!
-         طبعا، امبارح زبونة كانت رايحة الهرم أدتني أجرتي حشيش.
-         إزاي يعني؟
-     في الطريق قالت لي: تاخد سيجارة حشيش... فقلت لها: عرفتي منين؟ إني بشرب؟ ... قالت: هو فيه سواق مبيشربش؟ وجات وهي نازلة قالت: أنا مش معايا فلوس ولكن معايا حشيش.
-         وكمان بقى عملة؟!!
-         طبعا ما هو فلوس، وهي الكسبانة ... ما هي بتبيعه والمنتج واقف عليها أرخص.

وبعد كدة وبدون مناسبة قلب كلامه على المرأة أو (الحريم) زي ما قال عليها:

-         أصل أنت لازم من الأول تحط القانون.
-         قانون إيه؟
-         قانونها، القانون لو معاك هتعرف تحكم، أما بقى لو كان معاها يبقى هي اللي هتمشيك

أفتكرت أنه بيبص للمرأة نفس النظرة اللي بيؤمن بيها الجهلة والمتخلفين ولكن طلع ده كان مدخل بس، فقالي:

-     زي اللي بيحكم البلد دلوقتي، ليه مش عارف يحكم؟ عشان مش هو اللي معاه القانون (يقصد سلطة القرارت) وهو مجرد مندوب ولكن احنا عايزين رئيس جمهورية – وده زي ما قال السواق بالظبط – ده الناس كانت ابتدت تنضف والستات تكنس الشوارع وكان عندهم أمل، أنا مش ثوري ولكن شفت الثوار وعشت معاهم، دول فعلا كانوا فنانين في كل حاجة واللي فنان في حاجة بيعرف يعمل كل حاجة.

وكل ده وهو عمال يشرب من سيجارة الحشيش اللي كل شوية تتطفي ويولعها تاني، ومرة واحدة رجع للمرأة تاني وأنا بقول في نفسي شكله متعقد منها، فقال:

-     امبارح كنت في ميدان الجيزة وشايف سواق ميكروباص وقدامه واحدة ست سايقة عربيتها ومعاها ولادها، فاللي قدامها وقف فجأة فهي فرملت، وسواق الميكروباص كان ممكن يتفاداها ولكنه قام لابس فيها، فنزلت بتقوله: مش تحاسب، فقالها: بتقوليلي كدة يا مرة يا بنت الـ (تيييت) ... وقام ضاربها قلم على وشها والناس واقفة بتتفرج وشد مفاتيح العربية وقفل على العيال وقالها: مش هفرج عنك إلا لما تدفعي تمن الخبطة، وكمان كان مربيلي دقنه لحد صدره،  قمت ساحب الماسورة اللي تحتي ونازل على دماغه لغاية ما سبته مغم عليه وغرقان في دمه.
-         والناس فين من كل ده؟
-     واقفين بيتفرجوا، مافيش حد عمله حاجة ولا عملي حاجة، روحت بصت لهم و تفيت عليهم وقلت لهم: انتوا جيزة أنتم؟ ... سايبين واد (تيييت) بيعمل كدة في واحدة ست قدام عينيكم، انتوا مش رجالة انتوا (تيييت) وليهم حق (تيييت).

فالتفت وقال لي:
-         يا بيه الست عندنا ليها احترامها، كان زمان لما تتكلم أو تغلط متردش عليها وتقولها: ليكي راجل يترد عليه.

فقلت ما هو بيحترم المرأة، أمال كان من شوية بيقول ايه؟ ولكن مش غريب لأنه بيعاني من الشيزوفيرنيا في المعايير زيه زي باقي المجتمع. ولما لقاني سرحت، قال لي:

-     لما تشوف شكل العيال وهم عندهم هيستريا عياط وبيضربها ابن (تييييت) قدام عيالها وهما الواد 5 سنين والبت 3 سنين؛ يعني الوقت اللي ابتدوا يكونوا شخصيتهم فيه وأي حاجة هتعملهم صدمة وتأثر فيهم طول العمر.
-         والست طبعا شكرتك.
-         قالت لي: انت جاي لي من عند ربنا، والواد شكله طقم الفرامل كان بايظ فقال يصلحه على حسابها.
-         يعني خبطها وضربها وكمان عايز ياخد منها فلوسها؟
-         واد ابن (تييييت).

وأخيرا السيجارة خلصت ومرضيش يرميها، لكن احتفظ (بالفلتر) للمرة الجاية، فقلت له:

-         بس أنت سواقتك هادية وموزونة والسواقة دلوقتي بقت حرب في الشوارع.
-         يعني أنا لما اعدي الأول هاخد نوبل، كل واحد بيوصل في وقته.
-         بس أنت عندك وعي كبير، ليه ماسك في الحشيش؟
-     أصله بيطلع الطاقة اللي جوايا مع إنه واكل رزقي وبيخليني أعمل اللي مقدرش عليه، أنا بفضل شقيان طول النهار ومش عارف اسدد الأقساط، طيب اعمل ايه؟ واكمل شغل ازاي؟
-         البلد كلها تعبانة.

وكالعادة دخل في موضوع جديد، فقال:

-         وزي ما أنت شايف أنا أحب أخد وأدي في الكلام.
-         أدينا بنهون الطريق على بعض.
-     مرة ركب معايا واحد بدقن ومعاه ابنه، فبقوله: اسم الكريم؟ قال: إساف، قلت: حلو وجديد والأمور الصغير؟، قال: حذيفة، فضحكت وقلت له: وكيف حال الأوس والخزرج؟ أنا سمعت أن عندهم مصلحة في قريش، فقالي: اسكت بدل ما أنزلك منها، قلت له: ليه يعني؟ بتتعامل مع كوثر؟ قمت مطلع المطواة وشكيته شكة في رجله وقلت له: انزل يا ابن (تيييت) هو أنت عشان بقيت بتعرف تربيها، وكمان هتدفع الأجرة، واخدت منه 5 جنيه تيبس كمان.
-         غرامة يعني؟
-         عشان قلة أدبه.
-          فيه حد يسمي ابنه كدة يعمله عقدة طول عمره ويحصره في معاملة الناس دي بس؟

وكمان بيتكلم في حقوق الإنسان وحقوق الطفل، وقلت جوايا: كويس أني نفذت موضوع (الأدرينالين) كان زمانه موقع على جبهتي بالمطواة.

أخيرا وصلنا ....

-         فقلت له: أنا مبسوط إني قابلتك وأنت بتقول كلام زي الفل وعندك وعي كبير بس أنا نفسي تبطل حشيش.
-         قال: أنت فاكر إيه؟ أنا جامعي وصحفي وشاعر.

فنزلت وأنا مستغرب ولكن مكانش فيه فرصة أعرف إزاي صحفي وشاعر ولكن من ناحية جامعي، ففيه جامعيين كتير حالهم كدة !!!.

-         قال: طب استناك حتى على حسابي، ومش لازم فلوس.
-         قلت له: الدنيا صغيرة وأكيد هنتقابل بس أنا هدعيلك تبطل حشيش.

فانكمشت كل ملامحه، وقال:
-          ياريت.

طبعا أكتر حاجة عرفتها أن مفيش إنسان كله سيء أو شر، ولكن كل إنسان فيه الخير والشر ولكن فيه واحد بيتغلب عليه حاجة من الاتنين، وكمان لازم تسمع أي حد وتعامل أي حد كإنسان، هتلاقي رد فعله إنساني برضه.

المهم التلفزيون اتصلح ونزلت وركبت تاكسي تاني، فلقيت السواق بيقولي:

-         وأنت بقى مع (تمرد) ولا (تجرد

فقلت جوايا: هو انا ناقصك؟ وبصيت من الشباك وعملت نفسي مش سامعه.



Tuesday, June 11, 2013

سد النهضة وفن إدارة الأزمات

سد النهضة وفن إدارة الأزمات


اليوم السابع | نبيل ناجى يكتب: سد النهضة وفن إدارة الأزمات
بعد ما تفاجئنا بشروع أثيوبيا فى بناء سد النهضة على النيل الأزرق الذى يعتبر أهم روافد النيل، وتفاجئنا أيضا بإفصاح أوغندا وتنزانيا عن نيتهم لبناء سدود أخرى على منابع النيل، شعرنا حينها إن حياتنا تمتلئ بالسدود، فالسد فى أصله حاجز يمنع ما زاد عن احتياجنا وادخاره لوقت الحاجة فيمنحنا الطمأنينة، أما لو كان هذا السد فى وجه احتياجاتنا فيصبح مصدر للقلق، ومن الغريب إننا تفاجئنا بهذه السدود كأنها لم تكن فكرتها مطروحة من قبل، فهل توجد سدود أخرى تهددنا ولا نراها؟!!
وربما ليس من قبيل الصدفة أن يطلق على (إدارة الأزمات) مصطلح "فن"؛ هذا لأن إدارة الأزمة تحتاج لمهارة خاصة، ومن بدائيات هذا الفن هو توقع الأزمة والإلمام بها والاستعداد لها قبل حدوثها؛ ولذلك فمن الموجع أن نظل دائما مفاجئين بالأزمات ومصدومين بالصدمات ونتعامل معهم بعد وقوعهم، فإن كانت سدود النهضة أزمات واقعة، فماذا عن الأزمات التى يجب أن نتوقعها ونستعد لها؟
فمن السدود التى تواجهنا سد الانقسام، فالانقسام هو بداية انهيار أى كيان وهذا الانقسام زاد كثيرا حولنا؛ فإن ظهرت حركة سلمية تدعى "تمرد" ظهرت فى المقابل لها حركة "تجرد"، والحزب الحاكم الذى كان ممنوعا من ممارسة السياسة ظهر فى مقابله "جبهة الإنقاذ الوطنى" التى ظهرت فى مقابلها "جبهة الضمير"!!!

ورغم أن المعارضة القوية ظاهرة صحية فى المجتمعات الديمقراطية، ولكن ما يحدث على أرض الواقع يضعف كثيرا من قوتنا الداخلية؛ لأننا مازلنا مبتدئين فى الديمقراطية، وكما هو معروف إن الهزيمة تبدأ من الداخل بغض النظر عن التهديدات الخارجية، فيجب أن يكون وحدتنا سد فى مواجهة التحديات الخارجية.

ويوجد سد آخر يُبنى بيننا وبين "سيناء" التى صارت الأحوال بها مصدر أهوال، فالجميع يتسائلون:ماذا يحدث فى سيناء؟!! مَنْ يسيطر عليها؟!! وهل سنفاجأ باليوم التى نجد فيه سيناء تحت سيطرة جماعات إرهابية مسلحة؟!! وحتى متى ستظل سيناء خاوية بدون تعمير؟!! ولا يُسمع فيها إلا صوت صفير الرياح، فمَنْ سيملأ هذا الفراغ؟!!

أما عن سدود غياب الأمن والجريمة، فمن جهة انتشرت البلطجة والسرقة والعنف، ومن جهة أخرى يطبق بعض الأهالى القوانين بأنفسهم على من يقع بين أيديهم من المجرمين نتيجة غياب الأمن، ونحن بين الضفتين نشعر بطوفان الانفلات الذى يجب أن نتصدى له مبكرا.

أما الاقتصاد الذى يتم استنزافه يوم بعد يوم، متى سنعوض ما فقدناه ونتخطى مرحلة النزيف إلى التنمية؟!!

فعلينا أن نكون سدود فى مواجهة فيضانات التحديات ولا نترك سدود تغلق شرايينا الرئيسية.

رابط موقع اليوم السابع: