Sunday, September 11, 2011

تناقض

أصبح من المعتاد أن نجد حولنا أشياء كثيرة عكس بعضها تسير في منظومة لا يوجد لها أساس إلا الفوضى وكأنها تعزف سيمفونية للنشاز، وأصبح هذا هو الحال في مجتمعنا أن نري العملة بكلا وجهيها معا كما في مرآة،
إن كان من الطبيعي أن يكون لكل عملة وجهان ولكن ليس من الطبيعي أن نري كلا الوجهين في نفس الوقت يسيران معا.
 
ففي مجتمعنا نجد نسبة كبيرة من التدين الذي يتحول أحيانا إلي التشدد ونجد أيضا نسبة كبيرة من الانحراف والانحلال الأخلاقي، وفي بعض الأحيان نشعر أن المدخل الديني هو المدخل الرئيسي للإنسان المصري مثلما حدث في استفتاء 19 مارس ولكننا نجد أيضا أن الابتذال هو الجاذب الأكبر في المجتمع كما نجد  في الفنون الهابطة من أغاني أو أفلام تكون هي المتحكمة في أهواء الناس ولها النصيب الأعظم في إعجابهم، وكذلك نري أن الشباب المتهم بعدم المسئولية والغيبوبة والاستهتار هو الذي أسقط النظام.
 
النظرية البديهية تقول أن المظاهر المتناقضة التي تعبر عن الفوضى واختلال المعايير تنتج عن منظومة حياتية مختلة، فقد نظن أن الظروف السياسية والأحوال المعيشية والاقتصادية العامة لا تؤثر في تفاصيل حياتنا اليومية، ولكن الواقع أثبت العكس لأن النظم السياسية وأسلوب تعاملها مع المواطن تسلل إلي مدارسنا وتعليمنا، شركاتنا وطرق إدارتها، وحتى أسرنا وطريقة التعامل بداخلها.
 
أن القيود التي تكبل أحلام وطموحات الإنسان هي التي تغير من طبيعته وتصرفاته، وهذا عن المجتمع ككل فماذا إذا عن الإنسان؟ ... فهل يوجد تناقضات داخل الإنسان الواحد؟!!
 
إن جلست مع نفسك وأحضرت ورقة وقسمتها لنصفين وكتبت في الجزء الأيمن المميزات والايجابيات التي تراها في نفسك وفي الجزء الأيسر كتبت العيوب والسلبيات ثم قارنت بينهما ستجد مدي التناقض داخلك، وهذا يقودنا لسؤال مهم: هل الإنسان لا يعرف ذاته؟!!!
 
في الحقيقة أن الإنسان لا يعرف الكثير عن ذاته، فهو لا يدرك مثلا كيفية تحرك أجهزة جسده في تناغم إعجازي وقد لا يدرك طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها بشكل كامل وحتى رغباته واتجاهاته قد تتغير من آن لآخر، وكذلك لا ننسي تأثير البيئة المحيطة والظروف الحياتية، إذا كيف يخرج الإنسان من هذه الإشكالية؟
 
البداية هي إدراك الإنسان لطبيعة ذاته وحدود إنسانيته وإدراك انه لن يستطيع أن يعرف أكثر من ما يحتمل محدودية عقله وقدرته وبهذا قد وضع إطار لتفكيره – وهذا ليس تحجيم لعقل الإنسان وإبداعه – وفي نفس الوقت يطلق عنان تفكيره للتأمل في عالمه واستقصاء معالمه، أن كشف الحساب الذي يعمله الإنسان لنفسه يجعله يعرف الكثير عن نفسه أن كان يعتمد علي الموضوعية والبعد عن التبرير ... فالإنسان صنعة خالق قدير نعجز عن فهم حكمة قدرته.

1 comment: