Sunday, February 19, 2012

الرئيس التوافقي ونظرية المؤامرة

سلسة المؤامرات (1)
 الرئيس التوافقي ونظرية المؤامرة


 يؤمن معظم الشعب المصري بـ (نظرية المؤامرة)، فوجود العدو الخفي الذي يتربص بنا دائما ليؤذينا مسيطر على تفكيرنا الذي من أسماءه: أصحاب الأجندات الخارجية والعملاء الخارجيين، الأصابع الخفية، الطرف الثالث، القِلة المندسة (أو حتى القلة بتاعت زمان) أو دائما ما يتجسد في أمريكا و إسرائيل.

ويبدو أن هذه النظرية قد تغلغلت وتأصلت داخل نفوس المصريين حتى أصبحوا يطبقون هذه النظرية على كل أمورهم، فنجد موضوع (الرئيس التوافقي) الذي زاد عنه الكلام في الفترة الأخيرة يمثل تجسيد لأسلوب المؤامرة في الفكر، فكلمة (توافقي) تعني أنه يتفق مع الجميع أو متفق عليه من الجميع ولكن نحن نفسرها بأنها: من هو متآمر أو صاحب صفقة مع الأطراف والتيارات السياسية القوية حتى أصبحت تهمة يتنكر منها الجميع، رغم أنه في الأصل نحن نريد رئيس يتفق عليه الجميع.

وهذا يعطينا إشارات بالغة الأهمية منها: 
- لن يسعى الرئيس القادم لأن يحصل علي موافقة الشعب إنما سيكتفي بموافقة القوى السياسية.
- لن يسعى المرشحون إلى الشعب ولكن سيجرون وراء التيارات السياسية التي تستطيع حشد الأصوات.
- لكي يحصل الرئيس على التوافق يسعى الآن إلى تقديم الضمانات أو التنازلات لمن سيوجهون الناخبين له.
- لن يسعى لتقديم برنامج قوي للشعب ولكن مغازلات لموجهين الشعب.

أخشى أن يتم التصويت في انتخابات الرئاسة بنفس طريقة انتخابات مجلس الشعب من حشد وتوجيه وتخوين واستخدام أساليب ملتوية للحصول على أصوات.

ومن الناحية الأخرى نحن كمواطنين نفتقد الثقة والفهم لما يدار (من تحت الترابيزة) أو (من خلف الستائر) لافتقاد الشفافية حتى ممن حصلوا على أصوات الشعب عن اقتناع أو توجيه لأنهم يستخدمون دائما التصريحات المطاطية التي لها نفس آثر الطلقات المطاطية وهم الأولى بمصارحة الشعب لأنهم - من المفروض - أنهم حصلوا على ثقته، مما يجعلنا نشعر أن كل تيار ينتظر من كل مرشح معرفة ما سيحصل عليه من امتيازات حتى يقف خلفه، وهذا نوع من أنواع الانتهازية السياسية.

فمثلا نجد الأخوان المسلمون يقولون أن الرئيس يجب أن يكون غير محسوب على التيار الإسلامي على أن يتفق مزاجه مع المزاج العام للشعب وله توجه إسلامي، وهذا أقرب إلى الفزورة أو مواصفات طلب عروسة.

ثم يأتي المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي ليقول أن الأخوان والمجلس العسكري يوجد بينهم (تفاهم) وليس (تحالف) ومن المعيب أن تدعوها (صفقة) وهذا يسمى الخروج الآمن (للوطن) !!! وإن سألته: هل تتحدث كحليف للإخوان؟ سيجاوب: ليس تحالف ولكنه تفاهم !!!.

فنحن نعيش في حالة ضبابية منعدمة الرؤية منذ استفتاء مارس وطريق (نعم) الذي أوهموا الناس أنه سهل وقصير ولم يظهر ذلك، فنجد نواب مجلس الشعب يقسمون على دستور ساقط ولكنهم أحيوه وعندما يستخدمه فريد الديب في الدفاع عن مبارك نغضب ونثور ونقول: أنه دستور أسقطته الثورة.

إن ما يحدث في مصر الآن يذكرني بما كان يتم في مدرستي عندما كان يتم انتخاب (رئيس) للفصل، فدائما يأتي شخص خارج التوقعات وكذلك الشلل والأحزاب الموجودة داخل الفصل، قد يكون موهوبا في العمل الإداري من كشوف حضور وغياب وتوفير الطباشير للمدرسين ولكن كان يتم انتخاب أكثر الأشخاص مسالمة وضعف ليكون (رئيس توافقي للفصل) ليستمر الفساد والتلاعب في دفاتر الحضور والغياب ويستمر عدم القدرة على السيطرة أو الحزم أو تغيير النظام.

أخشى أن ننتخب رئيسنا القادم بنفس هذه المبادئ. 




No comments:

Post a Comment