قميص دهشور المحترق
قد تضحك عندما تعرف أن سبب الصدامات الطائفية فى قرية "دهشور" هو قميص
محترق على يد مكوجى، وهذا يذكرنا بكلمات "السادات" متحدثا عن أحداث الزاوية
الحمراء فى سبعينيات القرن السابق عندما قال: "غسيل فى بلكونة مواطن نقط
على غسيل فى بلكونة مواطن آخر، فهذا يصوره المغرضون بأنه يوجد فتنة طائفية
فى مصر".
ولكن ليست المشكلة فى القميص المحترق أو قطرات الغسيل، ولكن المشكلة فى
العقلية التى تتسم بالحساسية الشديدة تجاه الآخر المختلف ودائما ما تزن
أفعاله حسب تصنيفه، فإن أخطأ أحد، فقد أخطأ الجميع، وإن تضرر أحد فقد تضرر
الجميع.
فمبدأ الخطأ الجماعى والعقاب الجماعى هو الذى نتج عنه هذا الصدام الدموى فى
القرية، ومحاولة مهاجمة كنيسة القرية وخوف أهاليها من الأقباط مما دفعهم
للفرار، ولك أن تسأل: كم هو ثمن هذا القميص الذى سبب قتل وحرق وتكسير
وتهجير؟ ولكن الأولى أن نسأل: كيف نعالج هذا الفكر والسلوك الذى جعل من
مشاجرة على قميص محترق تنتهى بقتل إنسان؟ وهل كان من الصعب الاعتراف بالخطأ
ودفع ثمنه؟
وإن كان هذا يحدث فى قرية نائية، فهل يحدث مثله فى مصر على نطاق أوسع؟
وعندها نتحدث عن القشة التى قصمت ظهر البعير، والتى قد يتعلق بها غريق،
فحساسيات المجتمع العميقة يجب أن تعالج لكى يُقوّم سلوكه وتتحصن تصرفاته.
ولنا أن نتذكر أن السبب المباشر للاحتلال البريطانى لمصر كان بسبب عدم دفع
أجنبى لأجرة الحنطور فى الإسكندرية، وتم ذلك بحجة حماية الأقليات فى مصر،
ورغم أن هذا المثال قديم جدا، ولكن الواقع الحالى يدق لنا جرس الإنذار
ويدعونا للتذكر، ولذلك علينا أن نتعقل ونعرف ونحلل أفكار وتصرفات المجتمع
والعمل على تقويمها ولا نكتفى بالمعالجة الأمنية وترك النار تحت الرماد.
No comments:
Post a Comment