المساواة والعدل
عادة ما ترتبط هاتين الكلمتين في أذهاننا بعضهما البعض؛ حيث إننا دائما ما نسمعهم سويا ويعبران عن بعضهما، ولكن عندما تطيل التفكير بهم تجدهم يبعدان عن بعضهما شيئا فشيئا.
كان ذلك في هذا اليوم الذي تقابلنا فيه
استثنائيا دون موعد سابق حين سألني: هل المساواة تحقق العدل؟
قلت: بديهي.
قال: ولكن
المساواة قد لا تحقق العدل لأن ليس كل فرد يحتاج ما يحتاجه الآخر، ولكن الناس بحسب
اختلافاتهم إن أعطيت لهم نفس الشيء لا يسبب لهم المساواة، فقدرات كل إنسان تختلف
عن الآخر فكيف نوحد معطياتهم؟
قلت: المساواة
لن تتحقق؛ لأن طبيعة الحياة وجود الدرجات والاختلافات، فكل إنسان هو منظومة
بمفرده، ولكن يمكن المقصود بالمساواة هو الحد الأدنى من الطلبات وليس أقصاها، ويخطأ
من يظن أنه من الممكن أن يتحول كل الناس للون واحد، من يفعل ذلك يقف ضد طبيعة
الحياة.
وأكملت: عندي
رأي بخصوص العدل الذي تتحدث عنه، العدل موجود ولكننا قد لا نراه.
قال: كيف؟
قلت: كل بشر إن
كان غني أو فقير، كبير أو صغير، في أي مكان على ظهر الأرض، كل واحد يشعر بالاحتياج
ويتألم ويتوجع ويشعر بأن شيئا ينقصه، كل واحد يبحث عن السعادة الكاملة ولا يجدها،
فهذا هو العدل، كل الناس يشعرون بنفس الإحساس باختلاف أوضاعهم ومواهبهم ومكانتهم، وفي
هذا كل البشر متساويين.
قال: الناس
مختلفين، وقدراتهم مختلفة، ولا يستطيع أحد أن يأخذ كل شيء، من أخذ شيء فعليه في
المقابل أن يترك شيئا آخر، من يختار شيء يكون على حساب شيء آخر، فالبشر يختارون
ولكنهم يتركون فيما هم يختارون.
قلت: أحيانا
نرسم صورة للحياة في أذهاننا ونتوقع أن نجدها أمام أعيننا، ولكننا علينا أن نفعل
العكس، أن نحاول أن نفهم طبيعة حياتنا ومن ثم نتعامل معها تبعا لمبادئنا، ولكن من
يظل متمسك برؤيته مهما وجد دلائل على عدم صحتها، فهذا ينفصل عن الواقع، ويصبح
دائرا في فلكه لكن وحده، وهذا المدار لا يراه أحد غيره.
قال: علينا أن
لا نبحث عن العدل والمساواة على الأرض؛ لأننا لن نجده ولكن ننشده عند ربنا فقط.
انتهي الحديث ولم تنتهي الأفكار....