الحواس
يقال عن الأنسان أنه كائن مادي محسوس يعيش في عالم مادي محسوس لأنه يتعامل مع هذا العالم من خلال حواسه ويعتمد عليها في التواصل مع العالم الخارجي، و يتعامل الأنسان من خلال حواسه حتي مع الأشياء الغير محسوسة أو المعنوية فالأمثال الشعبية تقول (البعيد عن العين، بعيد عن القلب – والرجل تدب مطرح ما تحب)، و أهمية الحواس هي التي جعلت أربعة منها موجودة في رأس الأنسان (النظر – السمع – التذوق – الشم).
في أحدي المرات أثناء حديثي علقت وقلت: أن عين الأنسان تكشف ما في داخله، فكان الرد: كنت أعتقد أني أستطيع قراءة العيون ولكني أكتشفت ان هذا غير صحيح فالعيون قد تخدعنا، فقلت: اذا فالعين هي نافذة تكشف بعض ما في داخل الأنسان وليست باب لما بداخل الأنسان.
فيقال عن البعض أنهم يسمعون ما يريدون وينظرون ما يشاؤن، فالحواس قد تنخدع من خلال صاحبها فلا تنقل الصورة الحقيقة، ف المتشائمون أو السوداويون هم من ينظرون نفس الأشياء التي نراها ولكن بصورة أكثر قتامة وتشاؤم رغم انها نفس الأشياء التي قد يراها الآخرون ولكن بشكل آخر، و من الناحية الأخري هذا ينطبق أيضا علي المتفائلين، إذا تصورات الأنسان واتجاهاته تتحكم في حواسه، لذا تختلف مقاييس الجمال والقبح بين الناس، فتكون هي نفس الأشياء ويراها البعض جميلة ويراها البعض الآخر قبيحة.
وهناك من تخدعهم آذانهم بتصديق ما تسمعه اذا كان شكل الكلام منمق وجميل أو أن الأسلوب شيق أو يمس ما يريد الأنسان أن يسمعه بغض النظر عن محتواه ومضمونه ومن هنا تاتي خطورة الأشاعات وتصديقها.
هذا عن الحواس المحسوسة، فماذا هي الحاسة السادسة؟ الحاسة السادسة هي القدرة علي الشعور بالأحداث قبل حدوثها خارج نطاق الحواس الخمسة، فهي مرتبطة بالتوقع أو التخمين، وهي غير متوفرة في جميع الناس ووجودها أيضا نسبي بين الأشخاص الذين يتمتعون بها، لذا فمن الصعب أن يختار الأنسان طريقه بناءاعلي شعوره فقط دون سند عقلي!!
فاذا الحواس بوجه عام نسبية تختلف بين فرد وآخر ونجد من يفقد أحد أوبعض حواسه ونجده يتعايش مع الحياة بدونها وتقل أهميتها بالنسبة له لأن فائدتها تقل أو تنعدم.
والسؤال الأخير: ماذا عن الأشياء التي لا نستطيع أن نتعامل معها خلال حواسنا؟! فاذا كان الأيمان هو الأيقان بأمور لا تري، فكيف نخضعه لمقاييس الحواس؟!!
فالنتيجة أن الحواس هي أدوات للأدراك تنقل لنا المعلومة متأثرة بأفكار وظروف واتجاهات وتصورات اصحابها، وهي قد تخدعنا ان لم يقف خلفها الأنسان محللا، ناقدا، قابلا أو رافضا، فالحواس قد تخدع أصحابها فتجعل منهم ناظرين ولكن غير رائين، سامعين وليسوا بفاهمين، ويستطيع الأنسان أن يتحكم في ما يدور بعقله فيأمن خديعة حواسه بمراجعة أفكاره وهنا تكون البداية، فكل حدث يبدأ بفكرة.
31st, Aug. 2011
No comments:
Post a Comment