من المعروف أن رجال مبارك كانوا ينتخبون بدلا مني في الانتخابات السابقة لكن في أول برلمان للثورة لم يتاح لنا التصويت مطلقا، فالوضع في عين شمس كان مأساوي؛ ففي البداية أريد أن أشهد لرقي وتنظيم وصبر الشعب المصري؛ فالكل جاء بضمير نقي لكي يختار من يمثله وحتي المجادلات المعتادة لم تحدث فلم يسألني أحد مَنْ ستنتخب؟ ولم أسأل أحد بالطبع نفس السؤال، ولكن هذا الحال انقلب بعد ذلك.
ولعلمي أن الطريق طويل فقررت أن اصطحب معي رفيق يتكلم في أذني بمواضيع شتي متنوعة لكي تُشغل ذهني، فأشتريت جريدة لتقوم بهذه الوظيفة، ففيها هناك من يغني للأنتخابات التي لم يرها بعد، هناك من ينتقد ديكتاتورية الميدان، وهناك يمتدح حكمة المجلس العسكري، فقد قامت الصحيفة بوظيفتها تماما.
ولكن المرشحون أصروا أن يستكملوا دعايتهم الانتخابية أمام اللجان رغم أنه لن تجد أحد لا يعرف مَنْ سينتخب حتي هذه اللحظة ولكنهم اصروا علي الانفصال عن الواقع حتي اقتحم آذاننا ميكروفونات تابعة للأخوان المُتَلونون يستخدمون اسم (الله) في الدعاية الخاصة بهم.
وبعد قليل سمعت صوت قائل: محمد حسان، حزب النور ... محمد حسان، حزب النور ... محمد حسان، حزب النور ... فظننت أنه هاتف من السماء يدعوني لأنتخاب حزب النور ولكنه لم يكن ذلك بل كان صوت الشاب الذي كان يوزع دعاية حزب النور الرجعي، فأخذتها منه ورأيت عليها صورة محمد حسان وبجوارها رسالته للشباب ومضمونها يقول: "ليس معني إني ادعوكم للأنتخابات إني أقول لكم ان تنسوا وتتركوا مبادئكم وشرائعكم" فسألني أحد المحيطين: ماذا يقصد؟ فقلت له: لأنه كان يري أن الديمقراطية والانتخابات والاحزاب بدعة مستحدثة وحرام ولكنه الآن يبرر عدوله عن مبادئه ناسيا أن الهاتف المحمول والحاسب الآلي المحمول الذين يستخدمهما في استمالة الناس له بحجة تعريفهم مكان لجانهم هم ايضا مستحدثات ومبتدعات وان تمسكنا بكل ما هو في الماضي فلن نجد إلا الأحجار هي الباقية من الماضي.
ولكن بداية الاحباط كانت في الساعة الحادية عشرة بعد ثلاث ساعات من الانتظار عندما انفتحت ابواب المعهد ووجدنا أنفسنا أما اللاشيء الذي نسعي اليه فلا يوجد أوراق أو لجان أو قضاة وخرج علينا ضابط الشرطة العسكرية ليبشرنا انه حدث خطأ وذهبت أوراقنا لمدينة نصر ورد الناس عليه بكثير من أصوات الاستهجان و الاعتراض والصفافير متسائلين ما علاقة عين شمس بمدينة نصروعندها أحسست أن شباب ميدان التحرير فعلا أكثر نقاء وطهارة فهم اعتصموالأنهم لم يشعروا بتغيير ونحن نحاول أن نشارك في التغيير ولكن التغيير نفسه غير موجود وأن وقفة الميدان أكثر شرفا من وقوفنا أمام لجان خاوية.
وظل هذا الحال حتي عرفنا أن مأمور قسم عين شمس قد أوقف عن العمل وجاء لواء من الجيش الساعة 14:40 لكي يسمع مننا الموضوع كأنه جديد ووعد بالحل الذي لم يحدث حتي مغادرتي اللجنة في الساعة الخامسة دون انتخاب حيث ظهرت بعض الاوراق الغير مكتملة لبعض اللجان الفرعية وحدث تدافع رهيب بين الناس لكني أعذرهم وأقدرهم لأنه واقفون علي أرجلهم منذ الساعة الثامنة صباحا وعرفت أن النظام الذي لم يسقط أو انعدام النظام هو الذي دفعهم للهمجية، فقد كانت اللجان مفصولة عن الواقع الخارجي حتي أن الهاتف المحمول لم يستطع التقاط اشارة الشبكة من كثرة الزحام.
واليوم علي موعد مع الجولة الثانية لمعركة ادلاء الاصوات وشعرت ان مصربالأمس لم تنتخب ولكنها تنتحب
No comments:
Post a Comment