Monday, March 12, 2012

الجوع كافر


اكتشفت إنني أكره إحساس الجوع، وكنت مندهشا من هذا الإحساس لأن الجوع  إحساس طبيعي وكل إنسان يجوع ولكني فكرت في المثل الشائع  القائل (الجوع كافر) ووجدت أن "الجوع" ليس كافرا ولكن هو الذي يجعل بعض البشر يكفرون؛ لأن الجوع يشعر به الجميع ولكن لم يكفر الجميع.

فالجوع هو الاحتياج، وإحساس الاحتياج يختلف بين شخص وآخر؛ فيوجد من يغضب ويثور عندما يجوع أو يحتاج، وهناك من يشعر بالضعف والهزال، وهناك من ينحرف تحت مبرر الجوع أو الاحتياج.

من الناحية النفسية: فإن الإنسان عندما يفتقد لاحتياجاته الأساسية، قد يتصرف بشكل متدني حتى تراه وقد انعدمت منه الإنسانية أو توحش حتى إنك تتعجب من وجود بعض الجرائم لا يفعلها الحيوانات، والجوع أقوى مثال للاحتياج، فتجد إن الإنسان دائما ما يتفادى هذا الإحساس أو حتى عندما ينحرف فيكون بدافع الجوع.

والجوع مرتبط أيضا بالفقر، والجائع والفقير عادة ما يكونوا شخص واحد وكذلك الجوع مرتبط بالتخلف الفكري والحضاري؛ فتجد أن الفقر والجهل والمرض مثلث التخلف في مقابل الرفاهية والعلم والصحة مثلث التقدم.

وهذا ليس معناه انتصار الجوع دائما، فقد نجد فقراء جائعون ولكنهم فكريا متقدمون ويُحسبون فلتات نادرة وعباقرة مثل غاندي مثلا.

فكيف خرجت هذه النماذج من دوامة الفقر والجوع؟
فالإرادة والتسامي فوق احتياجاتهم كانوا هم المخرج، فنجد مثلا النساك المتفرغون للعبادة قد اتخذوا الفقر اختياريا وتساموا فوق الاحتياجات الإنسانية العادية ولذلك نمدح طرقهم ونقتفي آثارهم ونتخذهم كقدوة، أما هم فقد جلسوا على قمة العالم عندما لم يحتاجوا منه شيء.

أما عن الحلول العملية للفقر والجوع، فمثلا إن أردنا معالجة مشكلة بلد مثل الصومال، فنجد إن الإنسان هناك اعتاد أن يستعطي؛ فهو يرى في نفسه الاستجداء واعتاد عليه، فإن أردت النهوض به، عليك أن تبدأ معه بالتعليم وغرس مبادئ جديدة مثل حب العمل. 

واعتقد إنه لا يثير العجب الآن إن وجدنا أن مثل هذه المجتمعات الفقيرة تكون بيئة خصبة للتطرف والإرهاب والجريمة مثل القرصنة، فمثلا يقال عن القراصنة إن أقصى أهدافهم هو إشباع جوعهم من السفن التي يختطفونها وكذلك الجماعات المتطرفة التي ترجع سبب الجوع إلى أسباب غيبية فيتجهون للتشدد والإرهاب معتقدين إن التطرف هو الحل لمشاكلهم والتي يعتبر الجوع أولها.

إذا ليس المشكلة في الجوع ولكن في سيطرته على الإنسان لأنه في هذه الحالة يسرق منه إنسانيته.


No comments:

Post a Comment