سلسة المؤامرات (2)
التمويل الأجنبي
ما هي قصة التمويل الأجنبي؟؟ وما سر ارتباطه بمنظمات المجتمع المدني؟؟ وما علاقة المعونة الأمريكية بذلك؟؟
في البداية، منظمات المجتمع المدني (المصرية أو الأجنبية) هدفها تعليم ونشر مبادئ الديمقراطية ومنها من يهتم بالتمييز بين أفراد المجتمع، ومنها من يهتم بحقوق الإنسان، ومنها من يهتم بحقوق المرأة ... الخ
في عهد مبارك، انتشرت هذه المنظمات لتكون إشارة لوجود الديمقراطية في مصر تماما مثل حرية الإعلام والصحافة لكي يقال إننا نتمتع بحرية الفكر وإبداء الرأي ولكن هذه المنظمات مارست نشاطها بدون تراخيص رسمية والنظام تركها قاصدا كوضع مختل مثل كثير من الأمور المختلة التي اعتدناها وأصبحنا نتعايش معها.
أما المعونة الأمريكية، كما هو معروف أن مصر كحليف استراتيجي للولايات المتحدة أخذت هذه المعونة منذ سنوات طويلة والجزء الأكبر منها كان عسكري والآخر لتنمية المجتمع، ومن البديهي أن لا يدفع أحد من أموال شعبه إلا لكي يقول كلمته وتكون لها أرضية ويستطيع مساندة سياساته من خلال هذه الأموال والمثل الشهير يقول: Money Talks، فلا توجد معونة هدفها إنساني بحت؛ فالسياسة والمصلحة أساس المعونة.
وفي السنوات الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، تم توجيه بعض الأموال مباشرة لمنظمات المجتمع المدني لنشر الأفكار الديمقراطية وذلك نتيجة العداء المتزايد للولايات المتحدة الأمريكية – طبعا نتيجة لسياسيتهم في الشرق الأوسط – وحيث أنه لا توجد نية لتغيير سياساتهم، اتجهوا لهذه المنظمات مباشرة كنوع من أنواع الدعاية والترويج والتجميل لأفكارهم وسياساتهم – و لم تعترض الحكومة ولكن وافقت – وأصبحوا يقدمون برامج لتدريب الكوادر والأحزاب السياسية علي الديمقراطية وتدرب فيها كوادر موجودة الآن حتى في حزبي الحرية والعدالة، والنور.
فما سر الضجة الأخيرة بخصوص التمويل الأجنبي؟
استيقظنا في أحد الأيام لتعلن لنا الجرائد ووسائل الأعلام أنهم اكتشفوا أنه توجد هذه المنظمات !!! وأن أفكارها تخريبية !!! وكان المانشيت الرئيسي لجريدة "الأهرام" – المتحدث الرسمي بلسان السلطة ومن يتحالف معها أو يعقد صفقة؛ لذا لا تتعجب إن وجدت شخصيات وجماعات كانوا لا يسمونها باسمها بل كانوا يدعونها محظورة تتوسط أخبارها الآن الصفحة الرئيسية – أن هذه المنظمات تهدف لنشر الفتن الطائفية والعنصرية !!!
ولأن القارئ البسيط يعرف الفتن الطائفية وقبحها ولكنه لا يعرف معنى العنصرية (تكلمت عنها سابقا بشكل ساخر اضغط هنا) اضطرب وخاف وقلق واختشى حيث أنه توجد مؤامرة رهيبة تدبر ضد مصر وأموال تصرف وهناك من يريد لمصر أن تركع وتسجد و(تسف) التراب وانتهى الموضوع بسفر هؤلاء المتهمين في هذه القضية لأنه في الأصل لا توجد قضية وكل اتهاماتهم مجرد إدارة مؤسسة بدون ترخيص وأعتقد إن ليس عقوبتها الإعدام، فلا مبرر إذا لتصريح محمود غزلان (المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين) الذي يقول: "فإن تم الحكم عليهم بالإعدام هيروحوا يدوروا عليهم" !!!
ووجدنا كذلك إن الإخوان المسلمين بعد أن جلسوا مع الجنزوري وأعلنوا دعمهم لحكومته في الفترة الانتقالية، انقلبوا عليه بسبب هذه القضية وأرادوا إسقاط حكومته !!! رغم إنهم لم يفعلوا ذلك بسبب أحداث بورسعيد حين تم إراقة دماء المصريين، مجرد علامة استفهام (؟)
ولا مجال للتعجب من وجود منظمات تعمل بدون تراخيص، فكل شيء حولنا بدون ترخيص، وحتى جماعة الأخوان المسلمين لا يوجد لها كيان رسمي أمام الحكومة وأموالها من إيرادات ومصروفات غير مراقبة كما تقتضي القوانين.
إذا فلا يوجد مبرر لإشاعة الخوف بين الناس وإيهامهم بوجود من يدبر المؤامرات الخفية ضدهم؛ لأن الخوف لا يصنع إنسان أو مواطن سوي وناجح.
فأنا أعتقد أنها مجرد حرب سياسية ردا على تهديدات قطع المعونة الأمريكية وحاول كل الأطراف تطويعها لتكون في مصلحتهم واتجاههم ونحن نعيش الحالة من أولها لأخرها متحيرين ودون أن يطمئنا أحد.
No comments:
Post a Comment