وقفت الشمعة تخاطب محيطيها عندما بدأوا يهجروها وينفضوا من حولها، هذا حين بدأت تتضاءل وبدأ نورها يخفت وصلابتها تسيل، ولم يكن باقي منها إلا أنفاس قليلة وبعدها تنطفئ إلي الأبد ولكنها صممت أن تأخذ في هذه الأنفاس القليلة الباقية وهي التي أضاعت قوامها كله في العطاء.
- صرخت: أين ذاهبون وأنا في وقت انحلالي؟؟!! وسأدخل إلي الظلام الآن؛ هذا الذي طالما حاربته وهزمته رغم سطوته، فاستطعت أن أشقه بشعاعي الخافت!!.
- قالوا مستغربين: ذاهبون لنبحث عن ضوء آخر نلتف حوله؛ فقد أحطنا بكِ طوال الليل، وها أنتِ الآن لا تستطيعين الصمود، سهرنا بجوارك متابعين ومتيقظين لئلا تنفلت شعلتك وتحرق أشياء أو يقترب منكِ طفل لا يدرك إنكِ قد تؤذيه.
- لماذا لا تتذكرون ضوئي ودفئي؟ ألم أكن دليلكم في الظلام؟ كنت فنارا لسفينتكم المفقودة وسط العواصف والظلمات، لماذا تتذكرون فقط لهيبي وأنتم من أشعلتموه؟!
- ها إنكِ تجدين نفسك في الشعاع واللهيب، في العطاء والانصهار حتى انحل بدنكِ ومازلنا نحتاج لضياء، لماذا لم تتذكري هذه اللحظة أثناء ضياءك وعنفوانك؟
يبدو أن حرارة المناقشة قد قصرت من بقاءها، وأزادت من انصهارها، فلما انحنت شعلتها ومال شعاعها قبل أن تغرق داخل ذاتها لتقضي علي بعضها، قالت: "لم أضر أحد قط إلا نفسي !!!"
No comments:
Post a Comment