Thursday, March 22, 2012

قوة التحكم في الذات ،،، في التنمية البشرية

قوة التحكم في الذات
د. إبراهيم الفقي


قبل الكتاب:
لم يخطر على بالي من قبل قراءة كتاب في "التنمية البشرية" لأني كنت أرى أن الإنسان يمكن أن يكون نفسه ويحقق أحلامه بدون قراءة مثل هذه الكتب حتى وقع في يدي بالصدفة كتاب "قوة التحكم في الذات" للدكتور إبراهيم الفقي الكاتب الأشهر في هذا المجال، ولكن الكتاب قد ثبت وأضاف لهذه الأفكار مما شجعني علي قراءته للنهاية ووضع الملخص التالي له.

وجعلني أيضا أضع تدريبين من استنتاجي الشخصي: الأول لمحاولة قراءة الإنسان لنفسه واكتشاف رؤية الإنسان لذاته والثاني لكيفية تغيير فكرة مغروسة في ذهن صاحبها ولكنك إن قرأت الكتاب لن تجد هذين التدريبين فيه بنفس الصورة؛ لأن الكاتب يثبت إن العقل الباطن الذي يؤثر في تصرفات الإنسان يمكن أيضا أن يتحكم الإنسان فيه، ولكن التغيير الذي وضعته هو إشراك العقل الواعي أيضا في تغيير طريقة التفكير بشكل مباشر.

1)   وهذه الفكرة استخدمتها منذ سنوات طويلة ونصحت بها كثيرين ولكي تتعرف على رؤيتك لنفسك، احضر ورقة وقسمها لنصفين رأسيين ودون في النصف الأيمن صفاتك الإيجابية والنصف الأيسر صفاتك السلبية، ولاحظ الآتي: فإنك قد تجد صفتين متناقضتين فيك حاول الربط بينهما واسأل نفسك عن أسباب التصرف بهذا الشكل المتناقض، أو قد تلاحظ إنك تدون الصفات الإيجابية بشكل سلبي مثلا لو كتبت في إيجابياتك (البعد عن الفشل) رغم إن من الإيجابي أن تقول (السعي إلى النجاح)، جرب ولاحظ فستجد الكثير.

2)   التدريب الثاني عن كيفية تغيير فكرة في ذهنك: دون بعض المعلومات عن الأشياء أو الأشخاص الذي تشعر تجاههم بالضيق ودون أيضا الأسباب التي تشعرك بذلك وحللها: هل هذه الأشياء مازالت موجودة؟ هل هي مترسبة في عقلك رغم زوالها؟ ما هي المشاعر المصاحبة لذلك؟ ثم قم بتمزيق هذه الورقة واكتب تصورك عن الأمر كما تريده أن يتحقق وكذلك الأمور التي ستساعدك على ذلك، ثم أغمض عينيك وتخيل الأمر كما تريده وكتبته على الورق، وبهذا تكون قد أزلت المشاعر السلبية ووضعت بدلا منها ايجابية وناقشتها كذلك بشكل عملي وواقعي ولأن إرادة الإنسان أقوى ما فيه، فبمجرد أن تجد الإرادة لشيء ما ستسعى إليه بشكل تلقائي وتكون مستعد له ومتحمس لتنفيذه.

والآن إلى ملخص الكتاب الذي استخدمت فيه أسلوبي ورؤيتي وما أدركته منه، لذلك إن قرأت الكتاب نفسه لن تجده يختلف عن هذا الملخص ولكن بالطبع ستجد فيه الجديد والكثير:

مقدمة:
يتصرف الناس كما اعتادوا ولم يسأل أحد نفسه كيف اكتسب هذه العادات؟ كثير من العادات ورثها الإنسان ويفعلها بشكل أوتوماتيكي كما تعود عليها فلا يقوم بمراجعتها كل مرة يفعلها.

كيف يتحكم الإنسان في سلوكه؟ كيف يفرز تصرفاته وينقيها؟ متى يصل لمرحلة الاقتناع بكل ما يفعله؟ كيف يدرك أصل تصرفاته؟ وعندها يستطيع امتلاك قوة التحكم في الذات.

التحدث مع الذات:
كيف تتحدث مع نفسك؟ ماذا تقول لها؟ كيف ترى الأحداث القادمة؟ كيف تتوقعها؟ كم نسبة تحققها كما تخيلت؟ وهل انطباعاتك تكون دائما صحيحة؟
فمثلا لو حدد لك مديرك ميعاد بعد 3 أيام، ماذا ستتوقع أن يقول لك؟ هل ستحمل الهم حتى ميعاد المقابلة؟ هل ستتوقع إنه سيوبخك ثم يفصلك؟ ولكن إن قال لك: كل سنة وأنت طيب، فاليوم هو عيد ميلادك!! كيف ترى نفسك وأنت حملت كثير من الهموم والأحاسيس السلبية مقدما دون أي سبب؟؟!!

قال أحد خبراء التنمية البشرية (ديل كارنيجي) في كتاب (كيف توقف القلق والأحاسيس السلبية): "إن أكثر من 93% من الأحداث التي نعتقد إنها ستتسبب في الأحاسيس السلبية لن تحدث أبدا، 7% أو أقل لا يمكن التحكم فيها مثل: الجو، أو الموت مثلا"

أجرت إحدى جامعات كاليفورنيا دراسة عن التحدث مع الذات ووجدت أن 80% مما نقوله لأنفسنا يكون سلبيا وضد مصلحتنا، فإن توقفت الآن للحظة ودونت احساسك الحالي فستجد كم هائل من المشاعر السلبية تضخها لنفسك يوميا وستندهش من الكم الهائل من الطاقة الضائعة في القلق والسلبيات التي أثقلت بها ذهنك ووجد البحث أيضا أن هذه الأحاسيس سبب في كثير من الأمراض مثل: ضغط الدم، والقرحة، والنوبات القلبية أي إنك تسبب لنفسك الأمراض بكامل إرادتك.

هناك خمسة مصادر للبرمجة السلبية أو الأصوات التي تحدث بها ذاتك:
الوالدان، والمدرسة، والأصدقاء، والإعلام، وأنت نفسك؛ فقد تكون أنت من تصدر لذاتك الأفكار والمشاعر السلبية.

أما مستويات التحدث مع الذات هي:
1) الإرهابي الداخلي:
وهو أخطر مستوى؛ فهو الانطباعات التي تأخذها عن نفسك وتقوم بترديدها دائما مثل: أنا ضعيف، أنا خجول، أنا خائف، أنا منطوي ... الخ، فيقوم الإنسان بإرسال إشارات سلبية للعقل الباطن ويرددها باستمرار حتى يصدقها  وتصبح جزء من اعتقاده عن نفسه.

2) كلمة ( لكن):
وهو مستوى أفضل من المستوى السابق، وهي الكلمة التي ينقلب بعدها الإيجابي إلى سلبي، فأنت تريد التغيير ولكن .... ثم تنقلب العبارة وينعكس المعنى.

3) التقبل الايجابي:
وهوى أقوى وأفضل مستويات التحدث مع الذات، ويكون مصدرا للقوة والثقة في النفس وهو عبارة عن الرسائل الايجابية التي ترسلها لنفسك مثل: أنا قوي / أنا أستطيع (شعار أوباما) / أنا إنسان ممتاز/ أنا قوي الذاكرة.

يقول فرانك أوتلو:
"راقب أفكارك؛ لأنها ستصبح أفعال
وراقب أفعالك؛ لأنها ستصبح عادات
وراقب طباعك؛ لأنها ستحدد مصيرك"

                                    -----------------------------------------------
الاعتقاد (مولد التحكم في الذات):
الاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا وهو أهم خطوة في طريق النجاح.
وقال الكاتب الأمريكي (نابليون هيل): " ما يدركه ويؤمن به عقل الإنسان هو ما يمكن أن يحققه"
ويقول الأمريكي (روبرت ديلتز): "يمثل الاعتقاد أكبر إطار للسلوك، وعندما يكون الاعتقاد قويا ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد"
وقال (د/ ريتشارد باندلر) أحد مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية: "للاعتقادات قوة كبيرة، فإذا استطعت أن تغير اعتقادات أي شخص فإنك من الممكن أن تجعله يفعل أي شيء" (!!!)
وفي كتابه (10 قوانين طبيعية للوقت المثمر وتنظيم الحياة) قال (هيرام سميث): "لكل اعتقاد مجموعة من القوانين مبرمجة في مستوى عميق في العقل الباطن، وعلى أساس هذه القوانين يتصرف الإنسان"

ويكون الاعتقاد في 5 أشكال: في ذاتك / معني الأشياء / الأسباب / في الماضي / في المستقبل.

                                    -----------------------------------------------
طريقة النظر للأحداث:
ما هو تعريف طريقة النظر تجاه الأشياء؟
ما هو مصدرها؟
هل من الممكن تغييرها؟

يقول (د/ تشاد هلمستتر) مؤلف كتاب (الحل عن طريق التحدث مع النفس): "إن النظر تجاه الأشياء هو عبارة عن وجهة النظر التي من خلالها نرى الحياة، وهي عبارة عن طريقة تفكير وتصرف واحساس"

ويقول (غاندي): "إن الشيء الوحيد الذي يميز بين شخص وآخر هو النظرة السليمة تجاه الأشياء"

ويقول (دنيس واتلي) مؤلف كتاب (سيكولوجية الفوز): "إن نظرتك تجاه الأشياء هي من اختيارك أنت"

فيمكنك أن تقرر أن تكون سعيدا أو العكس، وقال (ألبرت أينشتاين): "تقدر القيمة الحقيقية للإنسان بقدر حريته من سيطرة ذاته"

السلبيات التي يجب أن نتفاداها لتكوين نظرة سليمة تجاه الأشياء:

1) اللوم:
لوم وإلقاء المسئولية على الآخرين وذلك يحد من استخدام الإنسان لطاقته الحقيقية، فعندما تلوم الآخرين والظروف والمواقف، فإنك تعطيهم الفرصة والقوة لقهرك، فيجب أن تتوقف عن لوم الآخرين وتتحمل مسئولية حياتك.

2) المقارنة:
مقارنة أنفسنا بالآخرين دائما ما تكون خاسرة حيث إنها تكون حسب ما نراه أو الظاهر فقط أو حسب رؤيتنا ونظرتنا التي قد تكون خاطئة، فالتركيز علي ذاتك وقدراتك وتطويرها والتفكير في حل مشاكلك أفضل من الانشغال بالآخرين.

3) العيش في الماضي:
العيش في الماضي هو سبب رئيسي للفشل لأن الماضي انتهى للأبد ويمكننا فقط أن نتعلم منه ونكتسب الدروس لتحسين ظروف حياتنا، ولكن العيش في الماضي يجعل الحاضر والمستقبل له نفس اللون والصبغة كما مضى تماما.

4) النقد:
نقد الآخرين هو ما يُكَوّن نظرة سلبية تجاههم.

5) ظاهرة الـ " الأنا":
التحدث الدائم عن نفسك يجعل الآخرين يسخرون منك ويبتعدون عنك وهناك مثل قديم يقول: "حدث الناس عن نفسك سيستمعون لك، حدثهم عن أنفسهم سيحبونك"؛ لذلك يجب تقليل استخدام كلمة (أنا) والإكثار من استخدام كلمة (أنت).

المبادئ التي ستساعدك لتكون نظرتك للأشياء سليمة:

1) ابتسم:
الابتسامة تذيب الجليد وتفتح الذهن والقلب؛ فالإنسان المبتسم الذي يميل للفكاهة يجذب الناس إليه.

2) خاطب الناس بأسمائهم:
فعندما تتذكر اسم أحد وتناديه به فذلك لا يجذب انتباهه فقط ولكن يسعده أيضا.

3) أنصت وأعط فرصة الكلام للآخرين:
فالاستماع للآخرين هو ما يوصل إليك الفكرة الصحيحة وهو أساس التواصل مع الآخرين.

4) تحمل المسئولية الكاملة لأخطائك:
المسئولية هي القدرة على التجاوب من أجل التقدم للأمام، فعندما تتحمل المسئولية فإنك تستخدم إمكانياتك وقدراتك فالنجاح يتطلب أن تتحمل المسئولية.

5) مجاملة الناس:
يقول الفيلسوف الأمريكي (مارك توين): "أنا أستطيع أن أعيش لمدة شهرين بتأثير مجاملة لطيفة"
وقال عالم النفس (د/ ويليام جيمس): "أعمق المبادئ في الإنسان هو تلهفه على تقدير الآخرين له"
فكن كريما في المدح وانتهز كل الفرص الممكنة لمجاملة الآخرين.

6) سامح وانسى الماضي:
 يمكنك أن تسامح وفي نفس الوقت تتعلم من تجاربك.

                                    -----------------------------------------------
العواطف:
تتغير الأحاسيس كما يتقلب الجو، تصعد وتهبط كقطار الملاهي، وتختلف الأحاسيس كألوان قوس قزح؛ فمن الممكن أن تبدأ يومك سعيدا ولكن لو ضايقك شيء ما في طريقك للعمل فستتبدل مشاعرك.

فهل أنت من الذين يسمحون للظروف أن تؤثر على أحاسيسهم؟؟
هل أنت ممن ينتظرون شيء معين أن يحدث لكي تشعر بالسعادة؟؟
ماذا لو لم يحدث؟؟

هل حدث أنك كنت متلهفا على شيء؟ وعندما وصلت إليه، قلت في نفسك: هل هذا هو ما كنت أنتظره؟؟!!!

في الحقيقة أي إنسان قد يكون ضحية للشعور بالضيق أو سجين للعواطف السلبية التي قد تكون في صورة خوف أو حزن أو ألم.

في كتابه (غير فكرك لمجرد التغيير) قال (ريتشارد بانلر): "يظن بعض الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح، ولكن العكس هو الصحيح؛ حيث أن النجاح هو نتيجة للسعادة"

ألم يحن الوقت للتحرر من هذه المشاعر السلبية؟ وان نسيطر على عواطفنا ولا نسمح لأي إنسان أو شيء أن يفرض نفسه علينا ويختار لنا أحاسيسنا؟

يقول (سيجموند فروند): "أن سبب العواطف إما الحب والرغبة أو الخوف والفقدان؛ فالسبب الأول يرتبط بالمتعة والسرور ويدفع الإنسان تجاه رغباته ،والثاني مرتبط بالألم ويدفع الإنسان للابتعاد عن مصدر الألم"

وتبنى العواطف على أساس حسب كيفية رؤية الشخص للمواقف والأفكار التي يضعها في ذهنه؛ فرؤيتك للمواقف هي التي تحدد نوعية حياتك لذلك يقول (أبراهام لينكولن): "يكون المرء سعيدا بقدر الدرجة التي يقرر أن يكون عليها من السعادة"

ويقول (د / ويلارد جايلين) في كتابه (الأحاسيس): "من الممكن أن تشعر في يوم بالانبساط ثم بالانقباض، وما بين الأحساسين كل متعة الجنة وكل بؤس الجحيم"

المبادئ الأربعة للسعادة والعواطف الايجابية:

1) الهدوء النفسي الداخلي
2) الصحة السليمة والطاقة
3) الحب والعلاقات
4) تحقيق الذات

قواعد التحكم في الأحاسيس السلبية:

1) تحركات الجسم:
الطريقة التي تحرك بها جسمك تؤثر على ذهنك وأحاسيسك، فأنت لن تستطيع أن تشعر بالسعادة وأنت مرخي الأكتاف وخافض الرأس وتتنفس بثقل، ولكن جرب العكس؛ ارفع أكتافك ورأسك للأعلى وتنفس بقوة وضم قبضة يدك كما يفعل الملاكمون، فستشعر بالقوة والحماس، خصوصا إن رددت في نفسك: (أنا قوي وأثق في نفسي) عدة مرات؛ فإنك بهذه الطريقة ستشحن نفسك بالطاقة الايجابية وتبرمج ذاتك على الثقة.

لكن جرب مثلا أن تمشي وحدك بخطى بطيئة ونظرة منكسرة للأسفل وأنت مرتخي اليدين وردد: (أنا ضعيف وأشعر بالغربة والوحدة ولا أثق في نفسي ولا في الآخرين)، ستجد إن حالتك تغيرت وبدأت فعلا الإحساس بهذه المشاعر.

ففكرة الإنسان عن نفسه هي ما توجهه إن كانت سلبية أو ايجابية؛ لذلك تجد أن الناجحين دائما يؤمنون بنفسهم ولا يتأثرون كثيرا بالمؤثرات الخارجية.

2) تعبيرات الوجه:
كذلك تعبيرات وجهك تستطيع أن تبرمج عقلك الباطن بالحالة التي تكون عليها، فإن كنت صاحب ابتسامة دائمة، فستشعر دائما بالسعادة التلقائية.

3) التمثيل الداخلي أو التصور الداخلي:
فعندما تقوم بشيء أو تفكر في شيء تشترك كل حواسك الخمسة فيها، وكل حاسة تمدك بالمعلومات التي تمتلكها عن هذا الشيء، فمثلا إن فكرت في أحد الأشخاص الذي تشعر بالضيق من مجرد رؤيته وحاولت أن تغير صورته في داخلك، فإنك ستستطيع التغلب على المشاعر السلبية تجاهه.

                                    -----------------------------------------------
السلوك:
قد تكون تصرفات الإنسان نتيجة برمجة أوتوماتيكية من الآخرين، فقد يفعل الإنسان أشياء اعتاد عليها ولا يعرف لماذا يفعل هذه الأشياء بهذا الشكل؟
ولكي يتخلص الإنسان من الأفعال التي يفعلها بشكل تلقائي كأنه ماكينة عليه مراجعة سلوكه وعاداته.

ما هو السلوك؟
يقول (د/ تشاد هلمستتر) مؤلف كتاب (ماذا تقول عندما تحدث نفسك؟): " السلوك يعني التصرف؛ كيف نتصرف؟ أو كيف لا نتصرف؟ والسلوك هو المتحكم بشكل مباشر في نجاح أو فشل الإنسان"

مصادر السلوك:
1) المؤثرات الخارجية :
مثل البرمجة عن طريق الوالدين، والمدرسة، والأصدقاء، ووسائل الأعلام.

فيحكي د/ إبراهيم الفقي: إنه أراد يوما أن يشرب شيئا فاتجه لماكينة المثلجات الأوتوماتيكية، فوجد طفلا بعد أن وضع العملة في الماكينة يضربها برجله ثم يأخذ المشروب ويمشي، فسأله: لماذا تضربها برجلك بعد أن وضعت النقود؟ فرد: حتى ينزل المشروب، فقال له: ماذا لو لم تضربها برجلك، فأجاب الطفل: لن ينزل المشروب، هكذا رأيت أبي يفعل، وبعد مغادرة الطفل وضع النقود ونزل المشروب دون أن يضربها بقدمه.

2) التجارب والخبرات:
تم عمل تجربة بوضع فأر في متاهة وفي نهايتها قطعة جبن ثم تثبيت سلك مكشوف به تيار كهربائي في مكان محدد على بعد من الجبن، وكلما يلمس الفأر السلك ويشعر بالتيار الكهربائي يقفز في الهواء ثم يكمل طريقه وبعد إعادة التجربة عدة مرات، تم إزالة السلك المكشوف، لكنهم وجدوا إنه كلما يأتي الفأر لنفس المكان يقفز في الهواء قبل إكمال طريقه. فقد تم برمجة الفأر عن طريق تجربته و خبرته أنه سيصعق في هذه المكان حتى رغم زوال السلك الصاعق.

3) عزة النفس
مقدار عزة بنفسك ونظرتك لذاتك تكون مصدر لسلوكك، فنجد سلوك الإنسان المتواضع يختلف عن المعتد بنفسه.

4) النظرة الذاتية:
فقد تم إجراء تجربة على فصل بإحدى المدارس الأمريكية، فدخل أحد المدرسين وقال للطلبة: إنهم توصلوا عن طريق دراسة إن الأشخاص ذو العيون الملونة أكثر ذكاء وتفوقا، ولاحظوا نتيجة الامتحانات الشهرية للطلبة إن أصحاب  العيون الملونة درجاتهم أفضل من العاديين، وفي الشهر التالي دخل نفس المدرس وقال: إنه حدث خطأ في قراءة نتيجة الدراسة ووجدا إن أصحاب العيون الملونة ليسوا أكثر ذكاء ولكن أصحاب العيون الداكنة هم الأكثر ذكاءا وتفوقا، وفي امتحانات الشهر التالية، وجدوا إن درجات أصحاب العيون الملونة انخفضت وارتفعت درجات أصحاب العيون الداكنة. فنظرة الإنسان لنفسه هي ما تحدد اتجاهه.

5) النتائج:
ليس فقط نظرتك لذاتك تحدد سلوكك ولكن العكس أيضا فالنتائج التي تصل إليها تؤثر في سلوكك.

6) التفسير الشخصي للمواقف:
لأنك قد تصدر أحكاما مسبقة وبالتالي تتصرف على أساسها وبناء على تفسيرك الشخصي للمواقف.

في النهاية: الإنسان يستطيع أن يتحكم في كل أموره: نظرته للأشياء، تصرفاته، سلوكه، إسعاد نفسه، الوصول للنجاح، لكنه قد يترك القيادة طوعا لمؤثرات يتخيل إنها متحكمة فيه، وإنه مرغم عليها، ثم يشكو من الإحساس بالقهر والغربة عن نفسه  والآخرين، ولكن علينا أن نتذكر إننا نمتلك القوة للسيطرة على ذاتنا، ثم نؤمن بذلك، ونقوم بتنفيذ هذا فورا.

عيش حياتك كما أنت تريد، ليس كما هي تريد.


Saturday, March 17, 2012

البابا شنودة الثالث كما أراه وأعرفه

البابا شنودة الثالث كما أراه وأعرفه


في هذا اليوم السابع عشر من شهر مارس لعام 2012 ترك عالمنا البائد قداسة البابا شنودة الثالث وهو الآن في مكان أفضل، في المكان الذي هرب منه الحزن والكآبة والألم، في المكان الذي لا يوجد به صراع أو غيرة أو كراهية أو حسد.


 إن كان جميعنا حزانى علي الفراق ولكني أراه الآن سعيدا، فأخيرا وقد وصل لما كان يتمنى، فالبابا شنودة لم يترك العالم اليوم ولكنه تركه منذ أكثر من خمسون عاما، عندما ترك كل شيء خلفه وذهب ليتفرغ للحياة مع الله في الصحراء القاحلة والتي يراها فردوسا لوجوده مع الله فيها.


 أي شخص فينا قد يخشى الموت ويضطرب عند سماع سيرته ولا يتخيل يوم انتقاله، أما البابا شنودة فلا يخاف الموت لأنه بالنسبة له هو البوابة التي يعبر بها إلى الراحة، فقد ترك الحياة بإرادته قبل أن تتركه.

أنا لم أقابله شخصيا إلا مرة واحدة في حياتي وكانت صدفة، فقد كنت طفلا صغيرا في التسعينيات وفي يوم عيد القيامة كنت في الكاتدرائية وكان مفاجأته أن يخرج ليوزع علينا كأطفال الشيكولاتة، فأنا مازلت متذكر قطع الشيكولاتة الأربعة التي أعطاهم لي، وعندما أقتربت منه و قبلت يده وأخذتهم منه، شعرت إنه قريب مني جدا ولكن هيبته كانت حاضرة، ولم أشعر بنفس الإحساس عند مقابلة أي شخص آخر.

 
 نحن جيل بأكمله فتحنا عيوننا لنجده رأسنا وأبونا ورمزنا وقدوتنا، لم نعرف غيره، وأتذكر كيف كنا نجلس أمامه كل أربعاء بإنصات شديد لاستماع كلماته وتعليمه وكم الكتب التي تركها لنا لتشكل لنا فكرنا وتروي عطشنا تجاه معرفة الله فتعطينا الأجوبة الشافية.


 وأتذكر أيضا كم من الآلام التي مر بها عبر تاريخه الطويل وكثير من الظلم الذي تحمله وكان مبدأه: ألا يدافع أو يرد إن هاجمه أحد أو أنتقده شخصيا، ولكن إن هاجم أحد الكنيسة أو خالف التعاليم الصحيحة هو من يقف له بشدة وبأس، فعندما تم تحديد إقامته في أيام السادات قال: "أنا سعيد لأني رجعت راهب مرة أخرى" ولم يحزن قط ودائما كان يقول: "ربنا موجود، كله للخير، مسيرها تنتهي" هذه الكلمات البسيطة التي تعبر عن الإيمان العميق، وعن معاملة الناس كان يقول: "إن تكلمنا فيما هو متفق عليه، فلن نجد الوقت للأختلاف".


 تعرض البابا شنودة كذلك للعديد من الآلام داخليا وخارجيا، فأتذكر الآن كيف كانت تنظم المظاهرات قبل الثورة لمهاجمته وسبه، وكيف هاجمه داخليا من يريدون أن يخالفوا المبادئ المسيحية وهو من لم يفرط فيها مطلقا، ووقف أمام السادات بمنتهى القوة لمساسه بها، أما إن تكلمنا عن ألم المرض وتقدم العمر، سيطول الحديث وسيفرغ الاحتمال.


 عندما كنت استمع أحد ينتقد أي تصرف للبابا شنودة خصوصا في الفترة الماضية الكثيرة الأحداث، كان قلبي ينقبض وأقول: إنه ينفذ تعاليم الإنجيل دون أن يعمل أي حساب لأهواء الناس أو الظروف السياسية لأنه يعرف جيدا "أنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" وكان عندما يقول لي أحد: إننا لا نجد أي مبرر لتصرفاته، أقول: يجب أن ندرك إننا لا نرى كل شيء كما يراه، وأكيد في الفترة القادمة ستنكشف كثير من الأسرار التي تثبت صحة وجهة نظره وتصرفاته.

 تعلمت منه كيف يخاطب الناس بكلمات يفهمها الجميع، إن كانوا شيوخ أو شباب، رجال أو نساء، متعلمين أو أميين، مسيحيين أو مسلمين أو حتى من لا يؤمنون بأي دين، فمقالته الأسبوعية في جريدة "الأهرام" كانت أفضل مثال في مخاطبة العقول والقلوب بغض النظر عن ديانة من يقرأها، وكذلك تعلمت من كتبه – التي أثرت الفكر المسيحي – كيف أفكر وكيف أتكلم.


 أنا مؤمن تماما إن البابا شنودة لم يمت ولكنه حي؛ حي بروحه في فردوس النعيم وحي في الأرض فينا؛ فأفكاره وكلماته وتعاليمه حية فينا، أما عن موت الجسد، فسيذوقه كل إنسان – مجرد مسألة وقت – إذا فلنفكر في الحياة الأخرى الأبدية التي هي أفضل جدا، وهو الآن يعيش الحياة التي أحبها دائما؛ حياة الصلاة والتسبيح وهو يصلي من أجلنا الآن.
 



Friday, March 16, 2012

الحياة في ورق سوليفان ،،، قصة شبه حقيقية

الحياة في ورق سوليفان
قصة شبه حقيقية
بعد عشرة أيام سيكون يوم فرحها، أعدت كل شيء وفستان الزفاف جربته عشرات المرات ونظرت في جميع المرايا التي وجدتها وقد أتمت كل شيء حتى عطرها المفضل، اشترت منه زجاجة جديدة ووضعته أمامها وكانت كل يوم تنظر له وتلمسه وتقربه لأنفها لتستمتع برائحته.

لكن هذه المرة، لم تتنسم نفس الرائحة التي تعرفها، كانت رائحته نفاذة أكثر تقتحم الرئتين وتنفذ للقلب لتنقبض شرايينه، فلما أفاقت من غفوتها ووجدت نفسها مستلقية في إحدى غرف المستشفى ويرن في أذنها ذبذبات الجهاز الذي يراقب نبضات القلب وتتنفس رائحة الأدوية والتعقيم التي تسيطر على كل أنفاسها الداخلة والخارجة، وجدت بجوارها أمها فاقدة الوعي ويخرج من جسدها أسلاك كثيرة متصلة بهذه الأجهزة وترتدي ملابس المستشفى ذات اللون الواحد.

عندما نظرت هذا لم تستطيع أن تدرك للحظة: هل هذا حلم؟ أم حقيقة؟ إنها تعرف جيدا إن سبب كوابيس النوم هو كوابيس اليقظة التي نحيا فيها، فهل الكابوس هو ما كانت تعيش فيه؟ أم أنه ما ستعيش فيه؟
فقد كانت صوت أجهزة متابعة نبض القلب ترهبها وتخشى سماع ذلك الصوت المتصل الذي يعبر عن النهاية وكذلك صوت قلبها بدأ يعلو حتى اختلط صوته بصوت الجهاز.

أما أمها الخاضعة الآن لسيطرة كل هذه الأجهزة، فلم تكن رأتها من قبل إلا وهي في قمة النشاط والسعادة، وابتسامتها الدائمة تتوج وجهها وحنانها الزائد يغمر الجميع، فكانت تعيش معها كل أيامها وأحلامها حتى ظهر ذلك الرجل في حياة ابنتها وطلب يدها، فعاشت معها مرحلة جديدة لتكون فيها أسرة جديدة وليطمئن قلبها علي مستقبلها، حتى ذلك اليوم الذي اكتشفا فيه إنهما لا يعرفان أي شيء !!

في يوم الحقيقة الذي انكشفت فيه كل أكاذيب الوهم وعرفوا إن الإنسان الذي دخل بيتهم وحياتهم ليس كما رأوه وعرفوه؛ يرتدي الأقنعة دائما ليخفي أكثر مما يظهر واكتشفوا أنه لا يوجد أي شيء مما قال أو وعد أو قدم لهم، فلم يكن يمتلك المسكن الذي رأوه وكذلك عمله الذي خسر فيه في يوم واحد آلاف الجنيهات لم يكن موجود، ولم يخبرهم بأي شيء إلا قبل الفرح بعشرة أيام حتى لا يستطيعوا التراجع أو الفرار وتهرب كل الحلول ما عدا حل واحد،هو حل القبول، القبول بالأمر الواقع، ولكن قلب أمها لم يستطع احتمال كل هذا الانهيار، فانطبقت جدرانه وضاقت مخارج دمائه وضعف نبضه.

قامت من جلستها ناظرة لسكون الليل من خلال النافذة الوحيدة الموجودة بالغرفة ونظرت القمر ولأول مرة لم تشعر إنه يكفي لإضاءة الليل، لأول مرة شعرت بضعف نوره، رغم إنها كانت تؤمن أن شعاع خافت لشمعة واحدة يستطيع كسر الظلام وشقه لنصفين.

خرج منها نفس بصعوبة تلفظ معه حرقة قلبها وقالت: قد يُخدع إنسان في ماله أو ممتلكاته ويسقط من الهزيمة، فيقول له الآخرين: مادمت إنك بخير تستطيع أن تواصل وتقف مرة أخرى؟ ولكن ما قولهم لمن يُخدع في نفسه وحياته وتسرق منه أيامه وأحلامه؟ لماذا دائما تذبح البراءة بسكين حاد؟
الإنسان النقي الذي يعيش في ورق سوليفان ليحميه من التلوث المحيط، لماذا ينزع عنه هذا السوليفان ليكون عرضة للعبث؟

من يعيش داخل سوليفانه ويتعامل مع جميع الأمور من خلاله ويصنع لنفسه عالم مثالي ولا يأتي في باله أنه يوجد من يستطيع أن يخترق وسطه النقي كمن يعيش داخل فاترينة جميع ظروفها مهيأة؛ إضاءتها، ودرجة حرارتها، وديكورها، وينظر للعالم من خلف فاترينته متوهما أنه ينظر ويختار من يدخل له، يظن أنه يلف ويدور بين وحول العيون حتى يختار من يتطابق معه ولكنه يكتشف إنه هو المعروض وليس له أي اختيار وأنه يدور على محور ثابت لكي يختاره أي أحد يستطيع اختراق فاترينته، فالحماية الشفافة إن كانت من سوليفان أو زجاج لا تعطي مناعة ومن السهل أن تكسر أو تخترق.
هذا وكلما عصف بوجهها نسيم هواء الليل البارد تشعر بسخونة جسدها ويرتفع صوت دقات قلبها في أذنها – ولكن يبدو أنه لم يكن قلبها – حتى انطلق صوت جرس الإنذار الذي جاء بعده كثير من الأشخاص الذين اقتحموا الغرفة، والتفوا حول سرير أمها لينظروا النهاية.

Monday, March 12, 2012

الجوع كافر


اكتشفت إنني أكره إحساس الجوع، وكنت مندهشا من هذا الإحساس لأن الجوع  إحساس طبيعي وكل إنسان يجوع ولكني فكرت في المثل الشائع  القائل (الجوع كافر) ووجدت أن "الجوع" ليس كافرا ولكن هو الذي يجعل بعض البشر يكفرون؛ لأن الجوع يشعر به الجميع ولكن لم يكفر الجميع.

فالجوع هو الاحتياج، وإحساس الاحتياج يختلف بين شخص وآخر؛ فيوجد من يغضب ويثور عندما يجوع أو يحتاج، وهناك من يشعر بالضعف والهزال، وهناك من ينحرف تحت مبرر الجوع أو الاحتياج.

من الناحية النفسية: فإن الإنسان عندما يفتقد لاحتياجاته الأساسية، قد يتصرف بشكل متدني حتى تراه وقد انعدمت منه الإنسانية أو توحش حتى إنك تتعجب من وجود بعض الجرائم لا يفعلها الحيوانات، والجوع أقوى مثال للاحتياج، فتجد إن الإنسان دائما ما يتفادى هذا الإحساس أو حتى عندما ينحرف فيكون بدافع الجوع.

والجوع مرتبط أيضا بالفقر، والجائع والفقير عادة ما يكونوا شخص واحد وكذلك الجوع مرتبط بالتخلف الفكري والحضاري؛ فتجد أن الفقر والجهل والمرض مثلث التخلف في مقابل الرفاهية والعلم والصحة مثلث التقدم.

وهذا ليس معناه انتصار الجوع دائما، فقد نجد فقراء جائعون ولكنهم فكريا متقدمون ويُحسبون فلتات نادرة وعباقرة مثل غاندي مثلا.

فكيف خرجت هذه النماذج من دوامة الفقر والجوع؟
فالإرادة والتسامي فوق احتياجاتهم كانوا هم المخرج، فنجد مثلا النساك المتفرغون للعبادة قد اتخذوا الفقر اختياريا وتساموا فوق الاحتياجات الإنسانية العادية ولذلك نمدح طرقهم ونقتفي آثارهم ونتخذهم كقدوة، أما هم فقد جلسوا على قمة العالم عندما لم يحتاجوا منه شيء.

أما عن الحلول العملية للفقر والجوع، فمثلا إن أردنا معالجة مشكلة بلد مثل الصومال، فنجد إن الإنسان هناك اعتاد أن يستعطي؛ فهو يرى في نفسه الاستجداء واعتاد عليه، فإن أردت النهوض به، عليك أن تبدأ معه بالتعليم وغرس مبادئ جديدة مثل حب العمل. 

واعتقد إنه لا يثير العجب الآن إن وجدنا أن مثل هذه المجتمعات الفقيرة تكون بيئة خصبة للتطرف والإرهاب والجريمة مثل القرصنة، فمثلا يقال عن القراصنة إن أقصى أهدافهم هو إشباع جوعهم من السفن التي يختطفونها وكذلك الجماعات المتطرفة التي ترجع سبب الجوع إلى أسباب غيبية فيتجهون للتشدد والإرهاب معتقدين إن التطرف هو الحل لمشاكلهم والتي يعتبر الجوع أولها.

إذا ليس المشكلة في الجوع ولكن في سيطرته على الإنسان لأنه في هذه الحالة يسرق منه إنسانيته.


Friday, March 9, 2012

أسباب الإنفلات والفوضى في مصر

أسباب الإنفلات والفوضى في مصر
اليوم السابع | نبيل ناجى يكتب:انفلات وفوضى.. ووجهات نظر مختلفة

إن سرت في أي طريق وقابلت أي شخص وسألته: هل أنت متضرر من الإنفلات السائد حولك؟؟ وهل أصبحت تحمل هم الفوضى؟؟ وهل تحسب خطواتك قبل أن تخطوها بسبب ذلك؟؟ سيجيب بـ (نعم) والجميع متفق على ذلك، أما لو سألته: ما هو سبب الإنفلات والفوضى باختلاف أنواعهم (خلقي، أو ديني، أو أمني)؟؟ ستختلف الأجوبة ووجهات النظر.

أستمعت لمناقشة حول هذا الموضوع اختلفت فيها وجهات النظر وهم كالتالي:

1 - سبب الإنفلات حولنا الآن هو السياسات المتبعة خصوصا خلال الـ 30 سنة الأخيرة التي أدت لظهور العشوائيات ليس في المباني فقط ولكن في الفكر أيضا؛ فالمجرم لم يولد مجرما بطبيعته، وكذلك الإنحلال الديني المتمثل في العبادة الشكلية الخارجية دون تهذيب حقيقي للروح؛ فالدين سلوك وتصرفات وأفعال، لذلك عدم الفهم الحقيقي لجوهر الدين هو ما يصنع هذا التناقض في مجتمع يظهر إنه متدين.

2 - السبب هو غياب دولة القانون؛ فلا يوجد تفعيل أو تنفيذ للقانون، فأكثر المجتمعات تقدما وتحضرا إن تعرضت لغياب الرقابة ستتحول لمجتمع بدائي وهمجي وفوضوي، وهذا ليس له علاقة بالدين لأنه توجد دول لا يوجد بها أديان سماوية مثل اليابان  أو لا تفكر دينيا (لا ترجع كل شيء للدين) مثل أوروبا وأمريكا ورغم ذلك في قمة التقدم والتحضر.

3 - ثم تدخل شخص يمثل وجهة نظر ثالثة لشخص عاش لسنوات طويلة في أحدى الدول الأوروبية المتقدمة (ألمانيا) وقال: أن الفيصل في ذلك هو عقلية الشعوب؛ فهناك شعوب مبرمجة تلقائيا على العمل والبناء والتنمية، فألمانيا استطاعت أن تبني نفسها بعد الحرب العالمية الثانية رغم إنها تعاني من غياب القانون والدولة ذاتها وكذلك لا تعتمد على أي أفكار دينية.

في النهاية هناك نظرية تقول أن المجتمعات تمر بمراحل نمو كالكائن الحي بالضبط من طفولة ومراهقة وشباب ونضج حتى الشيخوخة.

وإليك الآن بعض الأسئلة:
ما هو سبب الإنفلات والفوضى في رأيك؟ وأي وجهة نظر تفضل من وجهات النظر السابقة؟ وبأي مرحلة من مراحل النمو يمر مجتمعنا الآن؟

أنتظر أجوبتكم وأرائكم وتعليقاتكم. 

 نشرت هذه المقالة في موقع جريدة اليوم السابع، برجاء الضغط على الرابط التالي: https://www2.youm7.com/News.asp?NewsID=671620&SecID=190


Sunday, March 4, 2012

التمويل الأجنبي

سلسة المؤامرات (2)
التمويل الأجنبي


 ما هي قصة التمويل الأجنبي؟؟ وما سر ارتباطه بمنظمات المجتمع المدني؟؟ وما علاقة المعونة الأمريكية بذلك؟؟

في البداية، منظمات المجتمع المدني (المصرية أو الأجنبية) هدفها تعليم ونشر مبادئ الديمقراطية ومنها من يهتم بالتمييز بين أفراد المجتمع، ومنها من يهتم بحقوق الإنسان، ومنها من يهتم بحقوق المرأة ... الخ

في عهد مبارك، انتشرت هذه المنظمات لتكون إشارة لوجود الديمقراطية في مصر تماما مثل حرية الإعلام والصحافة لكي يقال إننا نتمتع بحرية الفكر وإبداء الرأي ولكن هذه المنظمات مارست نشاطها بدون تراخيص رسمية والنظام تركها قاصدا كوضع مختل مثل كثير من الأمور المختلة التي اعتدناها وأصبحنا نتعايش معها.

أما المعونة الأمريكية، كما هو معروف أن مصر كحليف استراتيجي للولايات المتحدة أخذت هذه المعونة منذ سنوات طويلة والجزء الأكبر منها كان عسكري والآخر لتنمية المجتمع، ومن البديهي أن لا يدفع أحد من أموال شعبه إلا لكي يقول كلمته وتكون لها أرضية ويستطيع مساندة سياساته من خلال هذه الأموال والمثل الشهير يقول: Money Talks، فلا توجد معونة هدفها إنساني بحت؛ فالسياسة والمصلحة أساس المعونة.

وفي السنوات الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، تم توجيه بعض الأموال مباشرة لمنظمات المجتمع المدني لنشر الأفكار الديمقراطية وذلك نتيجة العداء المتزايد للولايات المتحدة الأمريكية – طبعا نتيجة لسياسيتهم في الشرق الأوسط – وحيث أنه لا توجد نية لتغيير سياساتهم، اتجهوا لهذه المنظمات مباشرة كنوع من أنواع الدعاية والترويج والتجميل لأفكارهم وسياساتهم – و لم تعترض الحكومة ولكن وافقت – وأصبحوا يقدمون برامج لتدريب الكوادر والأحزاب السياسية علي الديمقراطية وتدرب فيها كوادر موجودة الآن حتى في حزبي الحرية والعدالة، والنور.

فما سر الضجة الأخيرة بخصوص التمويل الأجنبي؟

استيقظنا في أحد الأيام لتعلن لنا الجرائد ووسائل الأعلام أنهم اكتشفوا أنه توجد هذه المنظمات !!! وأن أفكارها تخريبية !!! وكان المانشيت الرئيسي لجريدة "الأهرام" – المتحدث الرسمي بلسان السلطة ومن يتحالف معها أو يعقد صفقة؛ لذا لا تتعجب إن وجدت شخصيات وجماعات كانوا لا يسمونها باسمها بل كانوا يدعونها محظورة تتوسط أخبارها الآن الصفحة الرئيسية – أن هذه المنظمات تهدف لنشر الفتن الطائفية والعنصرية !!!

ولأن القارئ البسيط يعرف الفتن الطائفية وقبحها ولكنه لا يعرف معنى العنصرية (تكلمت عنها سابقا بشكل ساخر اضغط هنا) اضطرب وخاف وقلق واختشى حيث أنه توجد مؤامرة رهيبة تدبر ضد مصر وأموال تصرف وهناك من يريد لمصر أن تركع وتسجد و(تسف) التراب وانتهى الموضوع بسفر هؤلاء المتهمين  في هذه القضية لأنه في الأصل لا توجد قضية وكل اتهاماتهم مجرد إدارة مؤسسة بدون ترخيص وأعتقد إن ليس عقوبتها الإعدام، فلا مبرر إذا لتصريح محمود غزلان (المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين) الذي يقول: "فإن تم الحكم عليهم بالإعدام هيروحوا يدوروا عليهم" !!!

ووجدنا كذلك إن الإخوان المسلمين بعد أن جلسوا مع الجنزوري وأعلنوا دعمهم لحكومته  في الفترة الانتقالية، انقلبوا عليه بسبب هذه القضية وأرادوا إسقاط حكومته !!! رغم إنهم لم يفعلوا ذلك بسبب أحداث بورسعيد حين تم إراقة دماء المصريين، مجرد علامة استفهام (؟)

ولا مجال للتعجب من وجود منظمات تعمل بدون تراخيص، فكل شيء حولنا بدون ترخيص، وحتى جماعة الأخوان المسلمين لا يوجد لها كيان رسمي أمام الحكومة وأموالها من إيرادات ومصروفات غير مراقبة كما تقتضي القوانين.

إذا فلا يوجد مبرر لإشاعة الخوف بين الناس وإيهامهم بوجود من يدبر المؤامرات الخفية ضدهم؛ لأن الخوف لا يصنع إنسان أو مواطن سوي وناجح.

فأنا أعتقد أنها مجرد حرب سياسية ردا على تهديدات قطع المعونة الأمريكية وحاول كل الأطراف تطويعها لتكون في مصلحتهم واتجاههم ونحن نعيش الحالة من أولها لأخرها متحيرين ودون أن يطمئنا أحد.