البابا شنودة الثالث قلب مازال ينبض
يمر اليوم أربعون يوما على رحيل قداسة البابا
شنودة الثالث ولم تنقطع سيرته لا عن ذهني ولا عن أفواه المحيطين ولا الصحف ووسائل
الأعلام، فقد صارت أقواله مأثورات يسير ورائها الجمع ليستنير، ومواقفه وأفعاله
صارت لوحات إرشادية على الطريق، ففي كل موقف يخص الأقباط أو الكنيسة تجدهم
يبحثون عن موقف البابا شنودة ليتخذوه.
فقليلا ما يجتمع الجميع على شخص مثلما حدث مع
شخص البابا شنودة باستثناء بعض الشخصيات القليلة في العدد والمقام التي تلاسنت
عليه أو رفضت المشاركة في الحداد عليه.
وأرى الآن حكمته ورؤيته وقد انكشفت، فحكمته
ظهرت في صمته أكثر ما ظهرت في الكلمات، ففي كثير من المواقف المؤلمة يصرخ البعض:
أين البابا شنودة؟ ولماذا لا يتكلم؟ وأما هو فكان يرى أنه يجب أن يصمت حتى يتكلم
الله وأن الله يسمع صوت الصمت الذي قد يكون أقوى من الكلمات، فقد صمت في الأوقات
التي إن تكلم فيها زادت النار اشتعالا، فصمت حتى يخمدها ولا تكون كلماته وقودا
لنيرانها.
وبقدر سيطرته على كلماته، ولكن كانت مشاعره
تفيض دون سد ينظمها، فقد كان يقول: أنا لا أستطيع أن أمنع شيئان: ضحكاتي ودموعي،
وكان يشعر بالفرح الدائم ودائما ما ينقله إلينا، ولكن عندما تعصف بنفسه الأحزان تجد
دموعه قريبة جدا ونابعة من القلب وكأنه مازال طفل رضيع يبكي ولا يجد صدر أمه
ليحتمي فيه، هذا لأنه كان يشعر ويتأثر بكل ما يمر بالكنيسة، أما عن آلامه وهمومه الشخصية فكان يقابلها بالصبر والاحتمال
والصمت، فقد كان مبدأه: أن لا يحزن أو يرد إن هاجمه أحد بصفة شخصية، أما إن كان
هذا الهجوم متعلق بأمور الأيمان أو الكنيسة، فلم يصمت أبدا، وخاض كثير من الصراعات
حفاظا على هذا المبدأ.
وها هو العيد يمر علينا بدونه، وهو العيد الوحيد الذي لم يحضره منذ أربعين عاما، افتقدنا فيه كلماته عن القيامة التي تجعلنا نسبح
في السماويات وننسى الأرض خلفنا، فكلماته كانت تمس قلب كل من يسمعها باختلاف إيمانه ومعتقداته؛ لأنه يبحث
عما يحتاجه الإنسان، فينجذب إليه كل إنسان تلقائيا، فقد كانت كلماته موجهة للجميع
وتهم الكل، هذا لأنه كان دائما ما يبحث عن المشترك ويركز عليه تاركا الاختلاف
جانبا، وهكذا كان يقول: إن تكلمنا فيما هو متفق عليه بيننا، فلن نجد وقت للاختلاف.
فقلب البابا شنودة مازال ينبض فينا، وقلوبنا مازالت تنبض به، واثقين أنه الآن أفضل حالا؛ فقد ذهب للمكان الذي هرب منه الحزن والألم والكآبة، وصار لنا سفيرا في السماء بعد أن كان سفير لله في الأرض، وصلواته التي كان يرفعها من أجلنا لم تنقطع، ولكن ستزداد أكثر لأن جسده لن يعوقه بعد الآن، فبعد أن عاش بالروح في الجسد، الآن تحررت روحه من قيود الجسد وانطلقت حيث الراحة والنعيم.
فقلب البابا شنودة مازال ينبض فينا، وقلوبنا مازالت تنبض به، واثقين أنه الآن أفضل حالا؛ فقد ذهب للمكان الذي هرب منه الحزن والألم والكآبة، وصار لنا سفيرا في السماء بعد أن كان سفير لله في الأرض، وصلواته التي كان يرفعها من أجلنا لم تنقطع، ولكن ستزداد أكثر لأن جسده لن يعوقه بعد الآن، فبعد أن عاش بالروح في الجسد، الآن تحررت روحه من قيود الجسد وانطلقت حيث الراحة والنعيم.
No comments:
Post a Comment